تسمية الشيء بما يأول اليه والمعنى وما يمد فى عمر أحد وما يطول: وبالفارسية [وزندكانى داده نشود هيچ درازى عمرى] وَلا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ العمر اسم لمدة عمارة البدن بالحياة وعن ابن عمر رضى الله عنهما انه قرأه من عمره بجزم الميم وهما لغتان مثل نكر ونكر والضمير راجع الى المعمر والنقصان من عمر المعمر محال فهو من التسامح فى العبارة ثقة بفهم السامع فيراد من ضمير المعمر ما من شأنه ان يعمر على الاستخدام والمعنى ولا ينقص من عمر أحد لكن لا على معنى لا ينقص من عمره بعد كونه زائدا بل على معنى لا يجعل من الابتداء ناقصا: وبالفارسية [وكم كرده نشود از عمر معمرى ديكر يعنى كه بعمر معمر أول نرسد] إِلَّا فِي كِتابٍ اى اللوح او علم الله او صحيفة كل انسان إِنَّ ذلِكَ المذكور من الخلق وما بعده مع كونه محارا للعقول والافهام عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ لاستغنائه عن الأسباب فكذلك البعث وفى بحر العلوم ان ذلك اشارة الى ان الزيادة والنقص على الله يسير لا يمنعه منه مانع ولا يحتاج فيه الى أحد واعلم ان الزيادة والنقصان فى الآية بالنسبة الى عمرين كما عرفت والا فمذهب اكثر المتكلمين وعليه الجمهور ان العمر يعنى عمر شخص واحد لا يزيد ولا ينقص وقيل الزيادة والنقص فى عمر واحد باعتبار اسباب مختلفة أثبتت فى اللوح مثل ان يكتب فيه ان حج فلان فعمره ستون والا فاربعون فاذا حج فقد بلغ الستين وقد عمر وإذا لم يحج فلا يجاوز الأربعين فقد نقص من عمره الذي هو الغاية وهو الستون وكذا ان تصدق او وصل الرحم فعمره ثمانون والا فخمسون واليه أشار عليه السلام بقوله (الصدقة والصلة تعمر ان الديار وتزيدان فى الأعمار) وفى الحديث (ان المرء ليصل رحمه وما بقي من عمره الا ثلاثة ايام فينسئه الله الى ثلاثين سنة وانه ليقطع الرحم وقد بقي من عمره ثلاثون سنة فيرده الله الى ثلاثة ايام) وفى الحديث (بر الوالدين يزيد فى العمر والكذب ينقص الرزق والدعاء يرد القضاء) قال بعض الكبار لم يختلف أحد من علماء الإسلام فى ان حكم القضاء والقدر شامل لكل شىء ومنسحب على جميع الموجودات ولوازمها من الصفات والافعال والأحوال وغير ذلك
. فما الفرق بين ما نهى النبي عليه السلام عن الدعاء فيه كالارزاق المقسومة والآجال المضروبة وبين ما حرّض عليه كطلب الاجارة من عذاب النار وعذاب القبر ونحو ذلك فاعلم ان المقدورات على ضربين ضرب يختص بالكليات وضرب يختص بالجزئيات التفصيلية فالكليات المختصة بالإنسان قد اخبر عليه السلام انها محصورة فى اربعة أشياء وهى العمر والرزق والاجل والسعادة او الشقاوة وهى لا تقبل التغير فالدعاء فيها لا يفيد كصلة الرحم الا بطريق الفرض يعنى لو أمكن ان يبسط فى الرزق ويؤخر فى الاجل لكان ذلك بالصلة والصدقة فان لهما تأثيرا عظيما ومزيّة على غيرهما ويجوز فرض المحال إذا تعلق بذلك الحكمة قال تعالى (قُلْ إِنْ كانَ لِلرَّحْمنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعابِدِينَ) واما الجزئيات ولوازمها التفصيلية فقد يكون ظهور بعضها وحصوله للانسان متوقفا على اسباب وشروط ربما كان الدعاء والكسب والسعى والعمل من جملتها بمعنى انه لم يقدّر حصوله بدون الشرط او الشروط وقال ابن الكمال اما الذي يقتضيه النظر الدقيق فهو ان المعمر الذي قدر له العمر الطويل يجوز ان يبلغ حد ذلك العمر وان لا يبلغه