مشرقا ومغربا تطلع كل يوم من مطلع وتغرب من مغرب ثم لا تعود إليها الى العام القابل فالمستقر اسم زمان اى تجرى الى زمان استقرارها وانقطاع حركتها عند خراب العالم أو إلى وقت قرارها وتغير حالها بالطلوع من مغربها كما قال أبو ذر رضى الله عنه دخلت المسجد ورسول الله عليه السلام جالس فلما غابت الشمس قال عليه السلام (يا أبا ذر أتدري اين تذهب هذه الشمس) فقلت الله ورسوله اعلم فقال (تذهب تسجد تحت العرش فتستأذن فيؤذن لها ويوشك ان تسجد ولا يقبل منها وتستأذن فلا يؤذن لها ويقال لها ارجعي من حيث جئت فتطلع من مغربها فذلك قوله والشمس تجرى لمستقر لها) وفهم من الحديث ان المستقر ايضا تحت العرش والمراد بالسجدة الانقياد ويجوز ان تكون على حقيقتها فان الله تعالى قادر على ان يخلق فيها حياة وإدراكا يصح معهما سجدتها كما سبق نظائرها قال بعض العارفين تسجد بروحها عند العرش كما تسجد الروح
عند النوم إذا باتت على طهارة قال امام الحرمين وغيره من الفضلاء لا خلاف ان الشمس تغرب عند قوم وتطلع عند قوم آخرين والليل يطول عند قوم ويقصر عند قوم آخرين وعند خط الاستواء يكون الليل والنهار مستويين ابدا والأرض مدورة مسيرة خمسمائة عام كأنها نصف كرة مدورة فيكون وسطها ارفع ولذلك سموا الجزيرة التي هى وسط الأرض كلها المستوي فيها الليل والنهار قبة الأرض وحول الأرض البحر الأعظم المحيط فيه ماء غليظ منتن لا تجرى فيه المراكب وحول هذا البحر جبل قاف خلق من زمرد اخضر وسماء الدنيا مقبية عليه ومنه خضرتها وسئل الشيخ ابو حامد رضى الله عنه عن بلاد بلغار كيف يصلون لان الشمس لا تغرب عندهم الا مقدار ما بين المغرب والعشاء ثم تطلع فقال يعتبر صومهم وصلاتهم بأقرب البلاد إليهم والأصح عند اكثر الفقهاء انهم يقدرون الليل والنهار ويعتبرون بحسب الساعات كما قال عليه السلام فى حق الدجال (يوم كسنة ويوم كشهر ويوم كجمعة فيقدر الصلاة والصيام فى زمنه) ذلِكَ الجري البديع المنطوى على الحكم العجيبة التي تتحير فى فهمها العقول والافهام تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الغالب بقدرته على كل مقدور الْعَلِيمِ المحيط علمه بكل معلوم قال فى المفردات التقدير تبيين كمية الشيء وتقدير الله الأشياء على وجهين أحدهما بإعطاء القدرة. والثاني ان يجعلها على مقدار مخصوص ووجه مخصوص حسبما اقتضته الحكمة وذلك ان فعل الله ضربان ضرب أوجده بالفعل ومعنى إيجاده بالفعل إظهاره. وضرب أجراه بالقوة وقدره على وجه لا يتأتى غير ما قدر فيه كتقديره فى النواة ان ينبت منها النخل دون التفاح والزيتون وتقدير منى الآدمي ان يكون منه الإنسان دون سائر الحيوانات فتقدير الله على وجهين. أحدهما بالحكم منه ان يكون كذا ولا يكون كذا اما على سبيل الوجوب واما على سبيل الإمكان. والثاني بإعطاء القدرة عليه وفى الآية اشارة الى شمس نور الله فانها (تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَها) وهو قلب استقر فيه رشاش نور الله (ذلِكَ) المستقر (تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ) الذي لا يهتدى اليه أحد الا به (الْعَلِيمِ) الذي يعلم حيث يجعل رسالته فليس كل قلب مستقرا لذلك النور فلا بد من التهيئة والتصقيل الى ان يتلطف ويزول منه كل ثقيل مما يتعلق بظلمات الكون والفساد