الذنب ولكن بانى قتلت أبا هذا غيلة فقتله فقال الناس ان أذنب أحد ذنبا أظهره الله عليه فقتله فهابوه وعظمت هيبته فى القلوب. والغيلة بالكسر هو ان يخدع شخصا فيذهب به الى موضع فاذا صار اليه قتله وَآتَيْناهُ الْحِكْمَةَ اى العلم بالأشياء على ماهى عليه والعمل بمقتضاه ان كان متعلقا بكيفية العمل واعلم ان الحكمة نوعان. أحدهما الحكمة المنطوق بها وهى علم الشريعة والطريقة. والثاني الحكمة المسكوت عنها وهى اسرار الحقيقة التي لا يطلع عليها عوام العلماء على ما ينبغى فيضرهم او يهلكهم كما روى ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يجتاز فى بعض سكك المدينة مع أصحابه فاقسمت عليه امرأة ان يدخلوا منزلها فدخلوا فرأوا نارا موقدة وأولاد المرأة يلعبون حولها فقالت يا نبى الله الله ارحم بعباده أم انا با ولادى فقال عليه السلام (بل الله ارحم فانه ارحم الراحمين) فقالت يا رسول الله أتراني أحب ان القى ولدي فى النار فقال (لا) فقالت فكيف يلقى الله عبيده فيها وهو ارحم بهم قال الراوي فبكى رسول الله عليه السلام فقال (هكذا اوحى الى) وَفَصْلَ الْخِطابِ لبيان تلك الحكمة على الوجه المفهم كما فى شرح الفصوص للمولى الجامى رحمه الله فيكون بمعنى الخطاب الفاصل اى المميز والمبين او الخطاب المفصول اى الكلام الملخص الذي ينبه المخاطب
على المرام من غير التباس وفى شرح الجندي يعنى الإفصاح بحقيقة الأمر وقطع القضايا والاحكام باليقين من غير ارتياب ولا شك ولا توقف فيكون بمعنى فصل الخصام بتمييز الحق من الباطل فالفصل على حقيقته وأريد بالخطاب المخاصمة لاشتمالها عليه وفى التأويلات النجمية (وَشَدَدْنا مُلْكَهُ) فى الظاهر بان جعلناه أشد ملوك الأرض (وَ) فى الباطن بان (آتَيْناهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطابِ) والحكمة هى انواع المعارف من المواهب وفصل الخطاب بيان تلك المعارف با دل دليل واتل قليل انتهى وانما سمى به اما بعد لانه يفصل المقصود عما سبق تمهيدا له من الحمد والصلاة وقال زياد أول من قال فى كلامه اما بعد داود عليه السلام فهو فصل الخطاب ورد بانه لم يثبت عنه انه تكلم بغير لغته واما بعد لفظة عربية وفصل الخطاب الذي أوتيه داود هو فصل الخصومة كما فى انسان العيون اللهم الا ان يقال ان صح هذا القول لم يكن ذلك بالعربية على هذا النظم وانما كان بلسانه عليه السلام وقال علىّ رضى الله عنه فصل الخطاب ان يطلب البينة من المدعى ويكلف اليمين من أنكر لان كلام الخصوم لا ينقطع ولا ينفصل الا بهذا الحكم قالوا كان قبل ذلك قد علق الله سلسلة من السماء وامره بان يقضى بها بين الناس فمن كان على الحق يأخذ السلسلة وتصل يده إليها ومن كان ظالما لا يقدر على أخذ السلسلة فاتفق ان رجلا غصب من رجل آخر لؤلؤا فجعل اللؤلؤ فى جوف عصاه ثم خاصم المدعى الى داود عليه السلام فقال ان هذا قد أخذ لؤلؤا وانى صادق فى مقالتى فجاء وأخذ السلسلة ثم قال المدعى عليه خذ منى العصا فاخذ عصاه فقال انى دفعت اللؤلؤ اليه وانى صادق فى مقالتى فجاء وأخذ السلسلة فتحير داود فى ذلك ورفعت السلسلة وامر عليه السلام بان يقضى بالبينات والايمان فذلك قوله (وَآتَيْناهُ الْحِكْمَةَ) يعنى العلم والفهم وفصل الخطاب يعنى القضاء بالبينات والايمان على الطالبين والمدعى عليهم كذا فى تفسير الامام ابى الليث رحمه الله وكان