وقائما يخصصه اى القنوت بالقيام فالمعنى أم من هو قائم آناءَ اللَّيْلِ اى فى ساعاته واحده انى بكسر الهمزة وفتحها مع فتح النون وهو الساعة وكذا الانى والانو بالكسر وسكون النون يقال مضى أنوان وانيان من الليل اى ساعتان ساجِداً حال من ضمير قانت اى حال كونه ساجدا وَقائِماً تقديم السجود على القيام لكونه ادخل فى معنى العبادة والواو للجمع بين الصفتين. والمراد بالسجود والقيام الصلاة عبر عنها بهما لكونهما من أعظم أركانها. فالمعنى قانت اى قائم طويل القيام فى الصلاة كما يشعر به آناء الليل لانه إذا قام فى ساعات الليل فقد أطال القيام بخلاف من قام فى جزء من الليل يَحْذَرُ الْآخِرَةَ حال اخرى على الترادف او التداخل او استئناف كأنه قيل ما باله يفعل القنوت فى الصلاة فقيل يحذر عذاب الآخرة لا يمانه بالبعث وَيَرْجُوا رَحْمَةَ رَبِّهِ اى المغفرة او
الجنة لا انه يحذر ضرّ الدنيا ويرجو خيرها فقط كالكافر وفى التأويلات النجمية يشير الى القيام بأداء العبودية ظاهرا وباطنا من غير فتور ولا تقصير (يَحْذَرُ الْآخِرَةَ) ونعيمها كما يحذر الدنيا وزينتها (وَيَرْجُوا رَحْمَةَ رَبِّهِ) لا نعمة ربه انتهى ودلت الآية على ان المؤمن يجب ان يكون بين الخوف والرجاء يرجو رحمة ربه لعمله ويحذر عذابه لتقصيره فى عمله ثم الرجاء إذا جاوز حدّه يكون أمنا والخوف إذا جاوز حدّه يكون اياسا وكل منهما كفر فوجب ان يعتدل كما قال عليه السلام (لو وزن خوف المؤمن ورجاؤه لاعتدلا)
كر چهـ دارى طاعتى از هيبتش ايمن مباش ... ور كنه دارى ز فيض رحمتش دل بر مدار
نيك ترسان شو كه قهر اوست بيرون از قياس ... باش پس خوش دل كه لطف اوست افزون از شمار
ثم فى الآية تحريض على صلاة الليل وعن ابن عباس رضى الله عنهما انه قال من أحب ان يهوّن الله عليه الموقف يوم القيامة فليره الله فى سواد الليل ساجدا وقائما يحذر الآخرة ويرجو رحمة ربه كما فى تفسير الحدادي قال ربيعة بن كعب الأسلمي رضى الله عنه كنت أبيت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فاتيت بوضوئه وحاجته فقال لى (سل) فقلت اسألك مرافقتك فى الجنة فقال (أو غير ذلك) فقلت هو ذلك قال (فاعن نفسك على كثرة السجود) اى بكثرة الصلاة قال بعض العارفين ان الله يطلع على قلوب المستيقظين فى الاسحار فيملأها نورا فترد الفوائد على قلوبهم فتستنير ثم تنتشر العوافي من قلوبهم الى قلوب الغافلين
خروسان در سحر كويد كه قم يا ايها الغافل ... سعادت آنكسى دارد كه وقت صبح بيدارست
قُلْ بيانا للحق وتنبيها على شرف العلم والعمل هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ حقائق الأعمال فيعملون بموجب علمهم كالقانت المذكور وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ ما ذكر فيعملون بمقتضى جهلهم وضلالهم كالكافر. والاستفهام للتنبيه على كون الأولين فى أعلى معارج الخير وكون الآخرين فى أقصى مدارج الشر وفى بحر العلوم الفعل منزل منزلة اللازم ولم يقدّر له مفعول لان المقدر كالمذكور. والمعنى لا يستوى من يوجد فيه حقيقة العلم ومن لا يوجد إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ كلام مستقل غير داخل فى الكلام المأمور به وارد من جهته تعالى اى انما يتعظ بهذه البيانات الواضحة اصحاب العقول الخالصة من شوائب الخلل والوهم وهؤلاء