ويتوفى الأنفس التي لم تمت فى منامها اى يتوفاها حين نومها بان يقطع تعلقها عن الأبدان وتصرفها فيها ظاهرا لا باطنا فالنائم يتنفس ويتحرك ببقاء الروح الحيواني ولا يعقل ولا يميز بزوال الروح الإنساني ومثل النوم حال الانسلاخ عند الصوفية الا ان المنسلخ حال اليقظة أقوى حالا وشهودا من المنسلخ حال النوم وهو النائم وعبر عن الموت والنوم بالتوفى تشبيها للنائمين بالموتى لعدم تميزهم ولذا ورد النوم أخو الموت وعن على رضى الله عنه ان الروح يخرج عند النوم ويبقى شعاعه فى الجسد فلذلك يرى الرؤيا فاذا انتبه عاد روحه الى جسده بأسرع من لحظة- ويروى- ان أرواح المؤمنين تعرج عند النوم الى السماء فمن كان منهم طاهرا اى على وضوء اذن له فى السجود لله تعالى تحت العرش ومن لم يكن منهم طاهرا لم يؤذن له فيه فلذلك يستحب ان ينام الرجل على الوضوء لتصدق رؤياه ويكون له مع الله معاملات ومخاطبات قال بعضهم خلق الله الأرواح على اللطافة والأجساد على الكثافة فلما أمرت بالتعلق بالأجساد انقبضت من الاحتجاب بها فجعل الله النوم والانسلاخ سببا لسيرها فى عالم الملكوت حتى يتجدد لها المشاهدة وتزيد الرغبة فى قرب المولى وانما يستريح العبد ويجد اللذة فى النوم لانه فى يد الله وهو ارحم الراحمين ويضطرب ويجد الألم فى الموت لانه فى يد ملك الموت وهو أشد الخلائق أجمعين فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضى عَلَيْهَا الْمَوْتَ إمساك شىء تعلق به وحفظه والقضاء الحكم اى يمسك انفس الأموات عنده ولا يردها الى البدن وذلك الإمساك انما هو فى عالم البرزخ الذي تكون الأرواح فيه بعد المفارقة من النشأة الدنيوية وهو غير البرزخ بين الأرواح المجردة والأجسام اى غير عالم المثال الذي كان النوم او الانسلاخ سببا للدخول فيه لان مراتب تنزلات الوجود ومعارجه دورية والمرتبة التي قبل النشأة الدنيوية هى من مراتب التنزلات ولها الاولية والتي بعدها هى من مراتب المعارج ولها الآخرية وايضا الصور التي تلحق الأرواح فى البرزخ الأخير انما هى صور الأعمال ونتائج الافعال السابقة فى النشأة الدنيوية بخلاف صور البرزخ الاول فلا يكون شىء منهما عين الآخرة لكنهما يشتركان فى كونهما عالما روحانيا وجوهرا نورانيا غير مادى مشتملا على مثال صور العالم وَيُرْسِلُ الْأُخْرى اى ويرسل انفس الاحياء وهى النائمة الى أبدانها عند اليقظة والنزول من عالم المثال المقيد ولعالم المثال شبه بالجوهر الجسماني فى كونه محسوسا مقداريا وبالجوهر العقلي المجرد فى كونه نورانيا فجعل الله عالم المثال وسطا شبيها بكل من الطرفين حتى يتجسد اولا ثم يتكاثف ألا ترى ان حقيقة العلم الذي هو مجرد يتجسد بالصورة التي فى عالم المثال إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى هو الوقت المضروب لموتها وهو غاية لجنس الإرسال اى لا لشخصه حتى يرد لزوم ان لا يقع نوم بعد اليقظة الاولى وعن سعيد بن جبير ان أرواح الاحياء وأرواح الأموات تلتقى فى المنام فيتعارف منها ما شاء الله ان يتعارف فيمسك التي قضى عليها الموت ويرسل الاخرى الى أجسادها الى انقضاء مدة حياتها وفى الاسئلة المقحمة يقبض الروح حال النوم ثم يمسك الروح التي قضى الموت على صاحبها ووافق نومه اجله انتهى. فيكون قوله فيمسك متفرعا على قوله والتي