للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ظلما وقسرا واتباعا لحمية الجاهلية أَنْ يَنْكِحْنَ اى لا تمنعوهن من ان يتزوجن وفيه دلالة على صحة النكاح بعبارتهن أَزْواجَهُنَّ ان أريد بهم المطلقون فالزوجية اما باعتبار ما كان واما باعتبار ما يكون والا فبالاعتبار الأخير على معنى ان ينكحن انفسهن ممن شئن ان يكونوا أزواجا لهن إِذا تَراضَوْا اى الخطاب والنساء ظرف لقوله ان ينكحن اى ان ينكحن وقت التراضي بَيْنَهُمْ ظرف للتراضى مفيد لرسوخه واستحكامه بِالْمَعْرُوفِ حال من فاعل تراضوا اى إذا تراضوا ملتبسين بالمعروف من العقد الصحيح والمهر الجائز والتزام حسن المعاشرة وشهود عدول. والمعروف ما يعرفه الشرع وتستحسنه المروءة وفيه اشعار بان المنع من التزوج بغير كفؤ وبما دون مهر المثل ليس من باب العضل ذلِكَ اشارة الى ما مضى ذكره اى الأمر الذي تلى عليكم من ترك العضل ايها الأولياء او الأزواج وتوحيد كاف الخطاب مع كون المخاطب جمعا اما على تأويل القبيل او كل واحد او لكون الكاف لمجرد توجيه الكلام الى الحاضر مع قطع النظر عن كونه واحدا او جمعا يُوعَظُ بِهِ اى ينهى ويؤمر به مَنْ كانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ لانه

المتعظ به والمنتفع ذلِكُمْ اى الاتعاظ به والعمل بمقتضاه أَزْكى لَكُمْ أنمى لكم وانفع من زكا الزرع إذا نما فيكون اشارة الى استحقاق الثواب وَأَطْهَرُ من ادناس الآثام واوضار الذنوب والمفضل عليه محذوف للعلم اى من العضل وَاللَّهُ يَعْلَمُ ما فيه من النفع والصلاح والتفصيل وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ لقصور علمكم فان المكلف وان كان يعلم وجه الصلاح في هذه التكاليف على سبيل الإجمال الا ان التفصيل غير معلوم له واما الله تعالى فانه العالم بتفاصيل الحكم في كل ما امر به ونهى عنه وبينه لعباده

برو علم يك ذره پوشيده نيست ... كه پنهان و پيدا بنزدش يكيست

فدعوا رأيكم وامتثلوا امره تعالى ونهيه في كل ما تأتون وما تذرون وذلك كما ان الوالد يحمى ولده عن بعض الاطعمة صونا له عن انحراف مزاجه فذلك محض إصلاح له لما انه يعلم ما لا يعلمه فقد وعظنا الله تعالى في الكتاب بكل ما هو خير وصواب ونهانا عن كل ما يؤدى الى هلاك وتباب ولكن سماع النصيحة لا يتيسر الا لاولى الألباب كما قال الامام الغزالي قدس سره العالي النصيحة سهل والمشكل قبولها لانها في مذاق متبع الهوى مر إذ المناهي محبوبة في قلوبهم فالواعظ انما ينفع المؤمن الحقيقي وهو ما وصفه الله في كتابه فقال إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وعن ابن مسعود رضي الله عنه السعيد من وعظ بغيره ومثالكم فى استماعكم ما قيل ان رجلا اصطاد طيرا فقال له لا تذبحنى فأى فائدة لك بل خلنى وأعلمك ثلاث حكم تنفعك كلها. الاولى لا تترك الفائدة المعلومة بالمظنونة. والثانية لا تصدق الشيء المستحيل. والثالثة لا تمدن يدك الى ما لم تبلغه فلما خلاه وطار قال ان في حوصلتى جوهرة كبيرة لو استخرجتها لفزت فأخذ يدنو منه والطير يتباعد عنه فقال يا أحمق ما اسرع ما نسيت الحكم تركت الفائدة المعلومة بالمظنونة حيث خليتنى والآن تمديدك الى ما لم تنل وصدقتنى في المستحيل فان حوصلتى لا تسع إلا حبة أو حبتين فكيف يحتمل فيها الجوهرة الكبيرة فكذلك أنتم

<<  <  ج: ص:  >  >>