للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيدخل إدريس عليه السلام فانه مات ثم احيى وادخل الجنة فتعمه الغشية دون الموت الا ان يكون ممن شاء الله واما موسى عليه السلام فقد جزى بصعقته وغشيته فى الطور فالموت عام لكل أحد إذ لو بقي أحد لاجاب الله تعالى حيث يقول لمن الملك اليوم فقال لله الواحد القهار قال فى اسئلة الحكم واما قوله تعالى (كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ) فمعناه عند المحققين قابل للهلاك فكل محدث قابل لذلك بل هالك دائم وعدم محض بالنسبة الى وجه نفسه إذ لكل شىء وجهان وجه الى نفسه ووجه الى ربه فالوجه الاول هالك وعدم والثاني عين ثابت فى علمه قائم بربه وان كان له ظل ظاهر فكل محدث قابل للهلاك والعدم وان لم يهلك وينعدم بخلاف القديم الأزلي ويؤيد ذلك المعنى ان العرش لم يرو فيه خبر بانه يهلك فلتكن الجنة مثله يقول الفقير اما ما روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم انه سأل جبرائيل عن هذه الآية من الذين لم يشأ الله ان يصعفهم قال هم الشهداء المتقلدون أسيافهم حول العرش كما فى كشف الاسرار وكذا ما قال جعفر الصادق رضى الله عنه اهل الاستثناء محمد صلى الله تعالى عليه وسلم واهل بيته واهل المعرفة وما قال بعضهم هم اهل التمكين والاستقامة كل ذلك وما شاكله فمبنى على تفسير الصعق بالغشي إذ الشهداء ونحوهم من الصديقين وان كانوا احياء عند ربهم لكنهم لا يذوقون الموت مرة اخرى والا لتحققوا بالعدم الأصلي وهو مخالف لحكمة الله تعالى وانما شأنهم الفزع والغشيان فيحفظهم الله تعالى عن ذلك فالارواح

والاحياء مشتركون فى ذلك الا من شاء الله- حكى- ان واحدا رؤى فى المنام ذا شيب وكان قد مات وهو شاب فقيل له فى ذلك فقال لما قبر المرسى القائل بخلق القرآن فى قبره فى هذه المقبرة هجمت عليه جهنم بغيظ وزفير فشاب شعرى من ذلك الفزع والهول وله نظائر كثيرة ودخل فى الأرواح من يقال لهم الأرواح العالية المهيمة فانهم لا يموتون لكونهم أرواحا ولا يغشى عليهم إذ ليس لهم خبر عما سوى الله تعالى بل هم المستغرقون فى بحر الشهود فعلى هذا يكون المراد بالنفخة فى الآية نفخة غير نفخة الاماتة وسيأتى البيان فى النفخات فان قلت فما الفرق بين الصعق الذي فى هذه الآية وبين الفزع الذي فى آية النمل وهى قوله تعالى (وَيَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ) قلت لا شك ان الصعق بمعنى الموت غير الفزع وكذا بمعنى الغشي إذ ليس كل من له فزع مغشيا عليه هذا ما تيسر لى فى هذا المقام وحقيقة العلم عند الله الملك العلام ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرى نفخة اخرى هى النفخة الثانية على الوجه الاول واخرى. يحتمل النصب على ان يكون الظرف قائما مقام الفاعل واخرى صفة لمصدر منصوب على المفعول المطلق والرفع على ان يكون المصدر المقدر قائما مقام الفاعل فَإِذا هُمْ اى جميع الخلائق قِيامٌ جمع قائم اى قائمون من قبورهم على أرجلهم او متوقفون فالقيام بمعنى الوقوف والجمود فى مكانهم لتحيرهم يَنْظُرُونَ يقلبون أبصارهم فى الجوانب كالمبهوتين او ينتظرون ماذا يفعل بهم ويقال ينظرون الى السماء كيف غيرت والى الأرض كيف بدلت والى الداعي كيف يدعوهم الى الحساب والى الآباء والأمهات كيف ذهبت شفقتهم عنهم واشتغلوا بانفسهم والى خصمائهم ماذا يفعلون بهم وفى الحديث (انا أول من ينشق عنه القبر. وأول من يحيى من

<<  <  ج: ص:  >  >>