فمن كان له عمل جيد يشخص له عمله بغلا. ومنهم من يشخص له عمله حمارا. ومنهم من يشخص له عمله كبشا تارة يحمله وتارة يلقيه وبين يدى كل واحد منهم نور شعشعانى كالمصباح وكالنجم وكالقمر وكالشمس بقدر قوة ايمانهم وصلاح حالهم وعن يمينه مثل ذلك النور وليس عن شمائلهم نور بل ظلمة شديدة يقع فيها الكفار والمرتابون والمؤمن يحمد الله تعالى على ما أعطاه من النور ويهتدى به فى تلك الظلمة. ومن الناس من يسعى على قدميه وعلى طرف بنانه قيل لرسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم كيف يحشر الناس يا رسول الله قال (اثنان على بعير وخمسة على بعير وعشرة على بعير) وذلك انهم إذا اشتركوا فى عمل يخلق الله لهم من أعمالهم بعيرا يركبون عليه كما يبتاع جماعة مطية يتعاقبون عليها فى الطريق فاعمل هداك الله عملا يكون لك بعيرا خالصا من الشرك. ومنه يعلم حال التشريك فى ثواب العمل فالاولى ان يهدى من المولى لكل ثواب على حدة من غير تشريك الآخر فيه- روى- ان رجلا من بنى إسرائيل ورث من أبيه ما لا كثيرا فابتاع بستانا فحبسه على المساكين وقال هذا بستانى عند الله وفرق دراهم عديدة فى الضعفاء وقال اشترى بها من الله جوارى وعبيدا وأعتق رقابا كثيرة وقال هؤلاء خدمى عند الله والتفت يوما الى رجل أعمى يمشى تارة ويكب اخرى فابتاع له مطية يسير عليها وقال هذه مطيتى عند الله اركبها قال عليه السلام فى حقه (والذي نفسى بيده لكأننى انظر إليها وقد جيىء بها اليه مسرجة ملجمة يركبها ويسير بها الى الموقف)
در خير بازست وطاعت وليك ... نه هر كس تواناست بر فعل نيك
حَتَّى إِذا جاؤُها [تا چون بيايند به بهشت] وَفُتِحَتْ أَبْوابُها اى والحال انه قد فتحت ابوابها الثمانية لئلا يصيبهم وصب الانتظار مع ان دار الفرح والسرور لا تغلق للاضياف والوافدين باب الكرم فان قلت يرد على كون أبواب الجنان مفتحة لهم عند مجيئهم إليها قوله عليه السلام (انا أول من يستفتح باب الجنة) قلت قد حصل الفتح المقدم على الوصول بدعوته عليه السلام بالاستفتاح ولو لم يكن دعاؤه قد سبق لما فتحت ثم تبقى الأبواب بدعائه مفتوحة الى ان يفرغ من الحساب فاذا جاء اهل الجنة بعد الحساب والصراط يجدونها مفتوحة ببركة دعائه المقدم على ذلك وفى الحديث (انا أول من يقرع باب الجنة والجنة محرمة على جميع الأمم حتى أدخلها انا وأمتي الاول فالاول) يقول الفقير اولية الاستفتاح والقرع تمثيل لاولية الدخول فلا حاجة الى توجيه آخر وعرف كون أبواب الجنة ثمانية بالأخبار كما قال عليه السلام (ان للجنة لثمانية أبواب ما منها بابان الا بينهما سير الراكب سبعين عاما وما بين كل مصراعين من مصارع الجنة مسيرة سبع سنين) وفى رواية (مسيرة أربعين سنة) وفى رواية (كما بين مكة وبصرى) وقيل عرف بواو الثمانية وفيه ان واو الثمانية غير مطردة وقد سبق ما يتعلق بهذه الواو فى آخر سورة التوبة قال بعضهم كون أبواب النار سبعة وأبواب الجنة ثمانية لان الجنة منه تعالى فضل والنار عدل والفضل اكثر من العدل والجنة من الرحمة والنار من الغضب والرحمة
سابقة وغالبة على الغضب وقيل ليس فى النار الا الجزاء