للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أصغى الى كلامه واستمع منه ولو كان إسرائيليا لكان عدوا له فلم يكن ليصغى اليه قال فى التكملة فان قلت الآل قد يكون فى غير القرابة بدليل قوله تعالى ادخلوا آل فرعون أشد العذاب ولم يرد الا كل من كان على دينه من ذوى قرابته وغيرهم فالجواب أن هذا الرجل لم يكن من اهل دين فرعون وانما كان مؤمنا فاذا لم يكن من اهل دينه فلم يبق لوصفه بأنه من آله الا ان يكون من عشيرته انتهى وقيل كان إسرائيليا ابن عم قارون او أبوه من آل فرعون وامه من بنى إسرائيل فيكون من آل فرعون صلة يكتم وفيه انه لا مقتضى هنا لتقديم المتعلق وايضا أن فرعون كان يعلم ايمان بنى إسرائيل ألا ترى الى قوله أبناء الذين آمنوا معه فكيف يمكنهم ان يفعلوا كذلك مع فرعون وقيل كان عربيا موحدا ينافقهم لاجل المصلحة يَكْتُمُ إِيمانَهُ اى يستره ويخفيه من فرعون وملئه لا خوفا بل ليكون كلامه بمحل من القبول وكان قد آمن بعد مجيىء موسى او قبله بمائة سنة وكتمه فلما بلغه خبر قصد فرعون بموسى قال أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أتقصدون قتله ظلما بلا دليل والاستفهام إنكاري أَنْ يَقُولَ اى لأن يقول او كراهة ان يقول رَبِّيَ اللَّهُ وحده لا شريك له والحصر مستفاد من تعريف طرفى الجملة مثل صديقى زيد لا غير وَقَدْ جاءَكُمْ بِالْبَيِّناتِ اى والحال أنه قد جاءكم بالمعجزات الظاهرة التي شاهدتموها مِنْ رَبِّكُمْ لم يقل من ربه لأنهم إذا سمعوا أنه جاءهم بالبينات من ربهم دعاهم ذلك الى التأمل فى امره والاعتراف به وترك المكابرة معه لأن ما كان من قبل رب الجميع يجب اتباعه وانصاف مبلغه وعن عروة بن الزبير قال قلت لعبد الله بن عمر رضى الله عنهما حدثنى باشد شىء صنعه المشركون برسول الله عليه السلام قال اقبل عقبة بن ابى معيط ورسول الله يصلى عند الكعبة او لقيه فى الطواف فأخذ بمجامع ردآئه عليه السلام فلوى ثوبه على عنقه وخنقه خنقا شديدا وقال له أنت الذي تنهانا عما يعبد آباؤنا فقال عليه السلام انا ذاك فاقبل ابو بكر

رضى الله عنه فأخذ بمنكبيه عليه السلام والتزمه من ورائه ودفعه عن رسول الله وقال أتقتلون رجلا ان يقول ربى الله وقد جاءكم بالبينات من ربكم رافعا صوته وعيناه تسفحان دمعا اى تجريان حتى أرسلوه وفيه بيان أن ما تولى ابو بكر من رسول الله كان أشد مما تولاه الرجل المؤمن من موسى لأنه كان يظهر إيمانه وكان بمجمع طغاة قريش وحكى ابن عطية فى تفسيره عن أبيه أنه سمع أبا الفضل ابن الجوهري على المنبر يقول وقد سئل ان يتكلم فى شىء من فضائل الصحابة رضى الله عنهم فاطرق قليلا ثم رفع رأسه فقال

عن المرء لا تسأل وسل عن قرينه ... فكل قرين بالمقارن يقتدى

ماذا ترون من قوم قرنهم الله تعالى بنبيه وخصهم بمشاهدته وتلقى الروح وقد اثنى الله على رجل مؤمن من آل فرعون كتم إيمانه واسره فجعله فى كتابه واثبت ذكره فى المصاحف لكلام قاله فى مجلس من مجالس الكفر واين هو من عمر بن الخطاب رضى الله عنه إذ جرد سيفه بمكة وقال والله لا اعبد الله سرا بعد اليوم فكان ما كان من ظهور الدين بسيفه ثم أخذهم الرجل المؤمن بالاحتجاج من باب الاحتياط بايراده فى صورة الاحتمال من الظن

<<  <  ج: ص:  >  >>