ذكر الله تعالى عرض أرواح آل فرعون على النار فان غرضها ليس كعرض سائر الأرواح الخبيثة قال فى عين المعاني قال رجل للاوزاعى رأيت طيرا لا يعلم عددها الا الله تخرج من البحر بيضاء ثم ترجع عشيا سوداء فما هى قال أرواح آل فرعون تعرض وتعود والسواد من الإحراق هذا ما دامت الدنيا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ وتعود الأرواح الى الأبدان يقال للملائكة أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذابِ اى عذاب جهنم فانه أشد مما كانوا فيه فانه للروح والجسد جميعا وهو أشد مما كان للروح فقط كما فى البرزخ وذلك ان الأرواح بعد الموت ليس لها نعيم ولا عذاب حسى جسمانى ولكن ذلك نعيم او عذاب معنوى روحانى حتى تبعث أجسادها فترد إليها فتعذب عند ذلك حسا ومعنى او تنعم ألا ترى الى بشر الحافى قدس سره لما رؤى فى المنام قيل له ما فعل الله بك قال غفر لى وأباح لى نصف الجنة اى نعيم الروح واما النصف الآخر الذي هو نعيم الجسد فيحصل بعد الحشر ببدنه والاكل الذي يراه الميت بعد موته فى البرزخ هو كالاكل الذي يراه النائم فى النوم فكما أنه تتفاوت درجات الرؤيا حتى ان منهم من يستيقظ ويجد أثر الشبع او الري فكذا تختلف احوال الموتى فالشهداء احياء عند ربهم كحياة الدنيا ونعيمهم قريب من نعيم الحس فافهم جدا ويجوز ان يكون المعنى ادخلوا آل فرعون أشد عذاب جهنم فان عذابها ألوان بعضها أشد من بعض وفى الحديث أهون اهل النار عذابا رجل فى رجليه نعلان من ناريغلى مهما دماغه وفى التأويلات النجمية ويوم تقوم الساعة يشير الى مفارقة الروح البدن بالموت فان من مات فقد قامت قيامته ادخلوا آل فرعون أشد العذاب وذلك فان أشد عذاب فرعون النفس ساعة المفارقة لأنه يفطم عن جميع مألوفات الطبع دفعة واحدة والفطام عن المألوف شديد وقد يكون الألم بقدر شدة التعلق به انتهى (قال الحافظ)
غلام همت آنم كه زير چرخ كبود ... ز هر چهـ رنك تعلق پذير آزادست
(وقال غيره)
الفت مكير همچوالف هيچ با كسى ... تا بسته الم نشوى وقت انقطاع
ثم فى الآية دليل على بقاء النفس وعذاب القبر لأن المراد بالعرض التعذيب فى الجملة وليس المراد انهم يعرضون عليها يوم القيامة لقوله بعده ويوم تقوم الساعة إلخ وإذا ثبت فى حق آل فرعون ثبت فى حق غيرهم إذ لا قائل بالفصل وكان عليه السلام لا يصلى صلاة الا وتعوذ بعدها من عذاب القبر قال عليه السلام من كف أذاه عن الناس كان حقا على الله ان يكف عنه أذى القبر وروى عن سالم بن عبد الله أنه قال سمعت ابى يقول أقبلت من مكة على ناقة لى وخلفى شىء من الماء حتى إذا مررت بهذه المقبرة مشيرا الى مقبرة محصوسة بين مكة والمدينة خرج رجل من المقبرة يشتعل من قرنه الى قدمه نارا وإذا فى عنقه سلسلة تشتعل نارا فوجهت الدابة نحوه انظر الى العجب فجعل يقول يا عبد الله صب على من الماء فخرج رجل من القبر أخذ بظرف السلسلة فقال لا تصب عليه الماء ولا كرامة فمديده حتى انتهى به الى القبر فاذا معه سوط يشتعل نارا فضربه حتى دخل القبر قال وهب بن منبه من قرأ