چونكه شد رنج آن ندامت شد عدم ... مى نيرزد خاك آن توبه ندم
ميكند او توبه و پير خرد ... بانك لو ردوا لعادوا ميزند
فيكون الايمان والندم وقت ظهور الوعيد الدنيوي كالايمان والندم وقت وجود الوعيد الأخروي بلا فرق فكما لا ينفع هذا كذلك لا ينفع ذاك لان الآخرة وما فى حكمها من مقدماتها فى الحكم سواء ولذلك ورد من مات فقد قامت قيامته وذلك لان زمان الموت آخر زمان من ازمنة الدنيا وأول زمان من ازمنة الآخرة فباتصال زمان الموت بزمان القيامة كان فى حكمه فايمان فرعون وأمثاله عند الغرق ونحوه من قبيل ما ذكر من الايمان الاضطراري الواقع عند وقوع الوعيد الذي ظهوره فى حكم ظهور احوال الآخرة ومشاهدته فى حكم مشاهدة العذاب الأخروي. فحال البأس بالموحدة كحال الغرغرة من غير فرق فكما لا يقبل الايمان حال الغرغرة فكذا حال البأس ففرعون مثلا لم يقبل إيمانه حال الغرق لكونه حال البأس وان كان قبل الغرغرة فافهم جدا فانه من مزالق الاقدام واما ايمان اليأس بالياء المثناة التحتية وهو الايمان بعد مشاهدة احوال الآخرة ولا تكون الا عند الغرغرة ووقت نزع الروح من الجسد ففى كتب الفتاوى انه غير مقبول بخلاف توبة اليأس فانها مقبولة على المختار على ما فى هداية المهديين لان الكافر اجنبى غير عارف بالله وابتدأ ايمانا والفاسق عارف وحاله حال البقاء والبقاء أسهل من الابتداء. فمثل ايمان اليأس شجر غرس فى وقت لا يمكن فيه النماء ومثل توبة اليأس شجر نابت اثمر فى الشتاء عند ملاءمة الهواء. والدليل على قبول التوبة مطلقا قوله تعالى (وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ) هكذا قالوا وهو يخالف قوله تعالى (وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ حَتَّى إِذا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ) قال البغوي فى تفسيره لا تقبل توبة عاص ولا ايمان كافر إذا تيقن بالموت انتهى ومراده عند الاشراف على الموت والصيرورة الى حال الغرغرة والا فقد قال المحققون قرب الموت لا يمنع من قبول التوبة بل المانع من قبولها مشاهدة الأحوال التي عندها يحصل العلم بالله تعالى على سبيل الاضطرار على ما فى حواشى ابن الشيخ فى سورة النساء وقرب الموت لا ينافى التيقن بالموت بظهور أسبابه واماراته دل عليه قوله تعالى (كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ) الآية اى عند حضور اماراته وظهور آثاره من العلل والأمراض إذ لا اقتدار على الوصية عند حضور نفس الموت. ومن هذا القبيل ما فى روضة الاخبار من انه قال عمرو بن العاص رضى الله عنه عند احتضاره لابنه عبد الله يا بنىّ من يأخذ المال بما فيه من التبعات فقال من جدع الله انفه ثم قال احملوه الى بيت مال المسلمين ثم دعا بالغل والقيد فلبسهما ثم قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (ان التوبة مبسوطة ما لم يغرغر ابن آدم بنفسه) ثم استقبل القبلة فقال «اللهم امرتنا فعصينا ونهيتنا فارتكبنا هذا مقام العائذ بك فان تعف فاهل العفو أنت وان تعاقبت فبما قدمت يداى لا اله الا أنت سبحانك انى كنت من الظالمين» فمات وهو مغلول مقيد فبلغ الحسن بن على رضى الله عنهما فقال استسلم الشيخ حين أيقن بالموت ولعله ينفعه انتهى. واتى بصيغة الترجي