فقال لهم هكذا أنتم بعدي لن تغلبوا ما اجتمعتم فاذا تفرقتم تمكن منكم عدوكم فاهلككم وكذا القائمون بالدين إذا اجتمعوا على إقامته ولم يتفرقوا فيه لم يقهرهم عدو وكذا الإنسان فى نفسه إذا اجتمع فى نفسه على اقامة الدين لم يغلبه شيطان من الانس والجن بما يوسوس به اليه مع مساعدة الايمان والملك بإقامته له قال على رضى الله عنه لا تتفرقوا فان الجماعة رحمة والفرقة عذاب وكونوا عباد الله إخوانا قال سهل الشرائع مختلفة وشريعة نوح هو الصبر على أذى المخالفين انتهى فعلى هذا فشريعة ابراهيم عليه السلام هو الانقياد والتسليم وشريعة موسى عليه السلام هو الاشتياق الى جمال الرب الكريم وشريعة عيسى عليه السلام هو الزهد والتجرد العظيم وشريعة نبينا عليه السلام هو الفقر الحقيقي المغبوط عند كل ذى قلب سليم كما قال اللهم أغنني بالافتقار إليك وهذه الشرائع الباطنة باقية ابدا ومن اصول الدين التوجه الى الله تعالى بالكلية فى صدق الطلب وتزكية النفس عن الصفات الذميمة وتصفية القلب عن تعلقات الكونين وتخلية الروح بالأخلاق الربانية ومراقبة السر لكشف الحقائق وشواهد الحق وكان نبينا عليه السلام قبل البعثة متعبدا فى الفروع بشرع من قبله مطلقا آدم وغيره وفى كلام الشيخ الأكبر قدس سره
الأطهر تعبده عليه السلام قبل نبوته كان بشريعة ابراهيم عليه السلام حتى جاءه الوحى وجاءته الرسالة ولم يكن على ما كان عليه قومه باتفاق الائمة واجماع الامة فالولى الكامل يجب عليه متابعة العمل بالشريعة المطهرة حتى يفتح الله له فى قلبه عين الفهم عنه فيلهم معانى القرآن ويكون من المحدثين بفتح الدال ثم يصير الى ارشاد الخلق (وفى المثنوى)
لوح محفوظست او را پيشوا ... از چهـ محفوظست محفوظ از خطا
نى نجومست ونه رملست ونه خواب ... وحي حق والله اعلم بالصواب
كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ اى عظم وشق عليهم ما تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ يا محمد من التوحيد ورفض عبادة الأصنام واستبعدوه حيث قالوا أجعل الآلهة الها واحدا ان هذ الشيء عجاب وقال قتادة شهادة ان لا اله الا الله وحده ضاق بها إبليس وجنوده فابى الله الا ان يظهرها على من ناواها اى عاداها اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشاءُ قال الراغب جبيت الماء فى الحوض جمعته والحوض الجامع له جابية ومنه استعير جبيت الخراج جباية والاجتباء الجمع على طريق الاصطفاء وهو هنا مأخوذ من الجباية ونهى جلب الخراج وجمعه لمناسبة النهى عن التفرق فى الدين ولأن الاجتباء بمعنى الاصطفاء لا يتعدى بالى الا باعتبار تضمين معنى الضم والصرف والمعنى الله يجتلب الى ما تدعوهم اليه من يشاء ان يجتلبه اليه وهو من صرف اختياره الى ما دعى اليه وَيَهْدِي إِلَيْهِ بالإرشاد والتوفيق وامداد الألطاف مَنْ يُنِيبُ يقبل اليه ويجوز ان يكون الضمير لله فى كلا الموضعين فالمعنى الله يجمع الى جنابه على طريق الاصطفاء من يشاء من عباده بحسب استعداده ويهدى اليه بالعناية من ينيب واجتباء الله تعالى العبد تخصيصه إياه بفيض الهى يتحصل منه انواع من النعم بلا سعى من العبد وذلك للانبياء عليهم السلام ولبعض من يقاربهم من الصديقين والشهداء (قال الكاشفى) يعنى هر كه از همه اعراض كند وحق را خواهد