وان وقع عن المقرض لفظا فهو عن الاقراض معنى كأنه قال أيقرض الله أحد فيضاعفه واصل التضعيف ان يزاد على الشيء مثله او أمثاله أَضْعافاً جمع ضعف حال من الهاء في يضاعفه كَثِيرَةً هذا قطع للاوهام عن مبلغ الحساب اى لا يعلم قدرها الا الله وقيل الواحد سبعمائة وحكمة تضعيف الحسنات لئلا يفلس العبد إذا اجتمع الخصماء فمظالم العباد توفى من التضعيفات لا من اصل حسناته لان التضعيف فضل من الله تعالى واصل الحسنة الواحدة عدل منه واحدة بواحدة وذكر الامام البيهقي ان التضعيفات فضل من الله تعالى لا يتعلق بها العباد كما لا يتعلق بالصوم بل يدخرها الحق للعبد فضلا منه سبحانه فاذا دخل الجنة أثابه بها: قال السعدي
نكوكارى از مردم نيك رأى ... يكى را بده مى نويسد خداى
ولما حثهم على الإخراج سهل عليهم الاقراض واخبر انهم لا يمكنهم ذلك الا بتوفيقه فقال وَاللَّهُ يَقْبِضُ يقتر على بعض وَيَبْصُطُ يوسع على بعض او يقتر تارة ويوسع اخرى حسبما تقتضيه مشيئته المبنية على الحكم والمصالح وإذا علم العبد ذلك هان عليه الإعطاء لان الله تعالى هو الرزاق وهو الذي وسع عليه فهو يسأل منه ما أعطاه ولانه يخلفه عليه في الدنيا ويثيبه عليه في العقبى فكأن الله تعالى يقول إذا علمتم ان الله هو القابض والباسط وان ما عندكم انما هو من بسطه وإعطائه فلا تبخلوا عليه فاقرضوه وأنفقوا مما وسع عليكم واعطاكم ولا تعكسوا بان تبخلوا لئلا يعاملكم. مثل معاملتكم في التعكيس بان يقبض بعد ما بسط. ولعل تأخير البسط عن القبض في الذكر للايماء الى انه يعقبه في الوجود تسلية للفقراء قال الامام الغزالي في شرح الأسماء الحسنى القابض الباسط هو الذي يقبض الأرواح من الأشباح عند الممات ويبسط الأرواح فى الأجساد عند الحياة ويقبض الصدقات من الأغنياء ويبسط الأرزاق للضعفاء يبسط الرزق على الأغنياء حتى لا تبقى فاقة ويقبضه من الفقراء حتى لا تبقى طاقة ويقبض القلوب فيضيقها مما يكشف لها من قلة مبالاته وتعاليه وجلاله ويبسطها لما يقرب إليها من بره ولطفه وجماله والقابض الباسط من العباد من ألهم بدائع الحكم واوتى جوامع الكلم فتارة يبسط قلوب العباد بما يذكرهم من آلاء الله ونعمائه وتارة يقبضها بما ينذرهم به من جلال الله وكبريائه وفنون عذابه وبلائه وانتقامه من أعدائه كما فعل رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم حيث قبض قلوب الصحابة عن الحرص على العبادة حيث ذكرهم ان الله يقول لآدم يوم القيامة ابعث بعث النار فيقول كم فيقول من كل الف تسعمائة وتسعة وتسعين فانكسرت قلوبهم حتى فتروا عن العبادة فلما أصبح ورآهم على ما هم عليه من القبض والفتور روح قلوبهم وبسطها فذكر انهم في سائر الأمم كشامة سوداء في مسك ثور ابيض انتهى قال القشيري في رسالته القبض والبسط حالتان بقدر ترقى العبد عن حال الخوف والرجاء والقبض للعارف بمنزلة الخوف للمستأنف والبسط للعارف بمنزلة الرجاء للمستأنف وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ فيجازيكم على ما قدمتم من الأعمال خيرا وشرا على الجود بالجنة وعلى البخل بالنار وهو وعد ووعيد او هو تنبيه على ان الغنى لمفارق ماله بالموت فليبادر الى الانفاق قبل الفوت واجتمع جماعة من الأغنياء والفقراء فقال غنى ان الله تعالى