والبشارة كما لم يطلب الأنبياء من فبلى أَجْراً اى نفعا قال سعدى المفتى فسر الاجر بالنفع ليظهر جعل استثناء المودة منه متصلا مع أن ادعاء كونها من افراد الاجر يكفى فى ذلك كما فى قوله (وبلدة ليس بها أنيس الا اليعافير والا العيس) وفى التأويلات النجمية قل يا محمد لا اسألكم على التبشير أجرا لأن الله ليس يطلب منكم على الفضل عوضا فانا ايضا لا اسألكم على التبشير أجرا فان المؤمن أخذ من الله خلقا حسنا فكما أن الله تعالى بفضله يوفق العبد للايمان ويعطى الثواب لمن آمن به وليس يرضى بان يعطيك فضله مجانا بل يعطيك عليه اجرا كذلك ليس يرضى لرسوله صلى الله تعالى عليه وسلم بان يطلب منك اجرا على التبليغ والتبشير بل يشفع لك ايضا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى المودة مودة الرسول عليه السلام والقربى مصدر كالزلفى بمعنى القرابة التي هى بمعنى الرحم وفى للسببية وبمعنى اللام متعلقة بالمودة ومودته كناية عن ترك اذيته والجري على موجب قرابته سمى عليه السلام المودة اجرا واستثناها منه تشبيها لها به والاستثناء من قبيل قول من قال
ولا عيب فيهم غير أن سيوفهم ... بهن فلول من قراع الكتائب
وذلك لأنه لا يچور من النبي عليه السلام ان يطلب الا جرايا كان على تبليغ الرسالة لأن الأنبياء لم يطلبوه وهو اولى بذلك لأنه أفضل ولأنه صرح بنفيه فى قوله قل ما اسألكم عليه من اجر ولأن التبليغ واجب عليه لقوله تعالى بلغ ما انزل إليك وطلب الاجر على أداء الواجب لا يليق ولأن متاع الدنيا اخس الأشياء فكيف يطلب فى مقابلة تبليغ الوحى الإلهي الذي هو أعز الأشياء لأن العلم جوهر ثمين والدنيا خزف مهين ولأن طلب الاجر يوهم التهمة وذلك ينافى القطع بصحة النبوة فمعنى الآية لا اسألكم على التبليغ اجرا أصلا الا ان تودونى لاجل قرابتى منكم وبسببها وتكفوا عنى الأذى ولا تعادونى ان كان ذلك اجرا يختص بي لكنه ليس بأجر لأنه لم يكن بطن من بطونكم يا قريش الا وبينى وبينها قرابة فاذا كانت قرابتى قرابتكم فصلتى ودفع الأذى عنى لازم لكم فى الشرع والعادة والمروءة سوآء كان منى التبليغ اولا وقد كنتم تتفاخرون بصلة الرحم ودفع الأذى عن الأقارب فما لكم تؤذوننى والحال ما ذكر ويجوز ان يراد بالقربى اهل قرابته عليه السلام على إضمار المضاف وبالمودة مودة أقربائه وترك اذيتهم فكلمة فى على هذا للظرفية والظرف حال من المودة والمعنى الا ان تودوا اهل قرابتى مودة ثابتة متمكنة فيهم روى أنها لما نزلت قيل يا رسول الله من قرابتك هؤلاء الذين وجبت علينا مودتهم قال على وفاطمة وابناى اى الحسن والحسين رضى الله عنهم ويدل عليه ما روى عن على رضى الله عنه أنه قال شكوت الى رسول الله عليه السلام حسد الناس لى فقال اما ترضى ان تكون رابع اربعة اى فى الخلافة أول من يدخل الجنة انا وأنت والحسن والحسين وأزواجنا عن أيماننا
وشمائلنا وذرياتنا خلف أزواجنا قال سعدى المفتى فيه ان السورة مكية من غير استثناء منها ولم يكن لفاطمة حينئذ أولاد وعنه عليه السلام حرمت الجنة على من ظلم اهل بيتي وآذاني فى عترتى ومن اصطنع صنيعة الى أحد من ولد عبد المطلب ولم يجازه فأنا أجازيه عليها غدا إذا لقينى يوم القيامة وقال رسول الله صلى الله عليه