والكثيرة قال فى القاموس الدهر الزمان الطويل والابد الممدود وألف سنة والدهر عند الصوفية هو الآن الدائم الذي هو امتداد الحضرة الالهية وهو باطن الزمان وبه يتجدد الأزل والابد وكانوا يزعمون ان المؤثر فى هلاك الأنفس هو مرور الأيام والليالى وينكرون ملك الموت وقبضه للارواح بأمر الله ويضيفون الحوادث الى الدهر والزمان ويسبونه ويذمونه ويشتكون منه كما نطقت بذلك أشعارهم فنهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك بقوله لا تسبو الدهر فان الله هو الدهر اى فان الله هو الآنى بالحوادث لا الدهر (قال الكاشفى) مقلب دهور ومصرف آن حضرت عزت است جل شانه ودهور را در هيچ كار اختياري نيست
دهر ترا دهر پناهى ترا ... حكم ترا زيبد وشاهى ترا
دور زان كار نسازد بخود ... چرخ فلك بر نفرازد بخود
اين همه فرمان ترا بنده اند ... در ره امر تو شتابنده اند
(قال بعضهم) يا عالما يعجب من دهره لا تلم الدهر على غدره فانه مأموله آمر قد ينتهى الدهر الى امره كم كافر أمواله جمة يزداد أضعافا على كفره ومؤمن ليس له درهم يزداد ايمانا على فقره قال فى المفردات قوله عليه السلام لا نسبوا الدهر فان الله هو الدهر قد قيل معناه ان الله فاعل ما يضاف الى الدهر من الخير والشر والمسرة والمساءة فاذا سببتم الذي تعتقدون انه فاعل ذلك فقد سببتموه تعالى وقال بعضهم الدهر الثاني فى الخبر غير الاول وانما هو مصدر بمعنى الفاعل ومعناه ان الله تعالى هو الدهر أي المصرف المدبر لكل ما يحدث والاول أظهر وفى الحديث قال الله لا يقل ابن آدم يا خيبة الدهر فانى انا الدهر أرسل الليل والنهار فاذا شئت قبضتهما وهذا والحديث الاول سهل على تفسير الصوفية كما سبق فاعرف تفز وَما لَهُمْ بِذلِكَ اى بما ذكر من اقتصار الحياة على ما فى الدنيا واسناد الحياة والموت الى الدهر مِنْ عِلْمٍ فأسند الى عقل او نقل ومن مزيدة لتأكيد النفي إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ اى ما هم الا قوم قصارى أمرهم الظن والتقليد من غير ان يكون لهم شىء يصح ان يتمسك به فى الجملة هذا معتقدهم الفاسد فى أنفسهم واما المؤمنون فقد أخذوا بالنصوص وسلكوا طريق اليقين وتجاوزوا عن برازخ الظن والتخمين واثبتوا الحشر الصوري والمعنوي اى الحشر المحسوس والصراط المحسوس والجنة والنار المحسوستين وكذا جمع النفوس الجزئية الى النفس الكلية والجمع بين المعقول والمحسوس أعظم فى القدرة من نعيم وعذاب محسوسين بأكل وشرب ونكاح ولباس محسوسات وأنتم فى الكمال الإلهي ليستمر له سبحانه فى كل صنف من الممكنات حكم عالم الغيب والشهادة ويثبت حكم الاسم الظاهر والباطن فى كل صنف وهذا معتقد الأنبياء والرسل ومؤمنيهم فمن اعتقد كاعتقادهم نجا والا هلك ومن لوازم هذا الاعتقاد والتوحيد اسناد كل حادثة الى الله العزيز الحميد فانه المؤتر فى الكل ولذا نهى عن سب الريح إذ هى بيد ملك وهو بيد الله تعالى فجميع التصرفات راجع اليه (حكى ان الحجاج) أرسل عبد الله الثقفي الى انس بن مالك رضى الله عنه يطليه فقال أجب امير المؤمنين فقال له اذله الله فان العزيز من اعتز بطاعة الله والذليل من ذل بمعصيته ثم قام معه فلما حضر قال أنت الذي تدعو علينا قال نعم قال ومم ذلك قال لانك عاص لربك تخالف سنة نبيك تعز أعداء الله وتذل أولياءه فقال أقتلك