على الأنبياء فاوحى الله إليهم اختاروا لانفسكم ان شئتم أنزلت بكم العذاب وأنجيت بنى إسرائيل وان شئتم انجيتكم وأنزلت العذاب ببني إسرائيل فتشاوروا بينهم فاجتمع رأيهم على ان ينزل بهم العذاب وينجى بنى إسرائيل فسلط الله عليهم ملوك الأرض فمنهم من نشر بالمنشار ومنهم من سلخ جلدة رأسه ووجهه ومنهم من صلب على الخشب حتى مات ومنهم من احرق بالنار وقيل غير ذلك والله تعالى اعلم واحكم يقول الفقير لا شك ان الله تعالى فضل أهل الوحى بعضهم على بعض ببعض الخصائص وان كانوا متساوين فى اصل الوحى والنبوة كما قال تعالى تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض وكذا باين بينهم فى مراتب الابتلاء وان كان كل منهم لا يخلو عن الابتلاء من حيث ان امر الدعوة مبنى عليه فأولوا العزم منهم فوق غيرهم من الرسل وكذا الرسل فوق الأنبياء واما نبينا عليه السلام فأعلى اولى العزم دل عليه قوله تعالى وانك لعلى خلق عظيم
فان كونه على خلق عظيم يستدعى شدة البلاء وقد قال ما أوذي نبى مثل ما أوذيت ففرق بين عزم وعزم وقوله تعالى ولا تكن كصاحب الحوت مع قوله إذ ذهب مغاضبا دل على ان يونس عليه السلام قد صدر منه الضجرة وقول يوسف عليه السلام فاسله ما بال النسوة دل على انه صدر منه التزكية وقول لوط عليه السلام لو أن لى بكم قوة او آوى الى ركن شديد دل على انه ذهل عن ان الله تعالى كان ركنه الشديد وقس على هذا المذكور قول عزيز أنى يحيى هذه الله بعد موتها ونحو ذلك فظهر أن الأنبياء عليهم السلام متفاوتون فى درجات المعارف ومراتب الابتلاء وطبقات العزم قال بعضهم أولوا العزم من لا يكون فى عزمه فسخ ولا فى طلبه نسخ كما قيل لبعضهم بم وجدت ما وجدت قال بعزيمة كعزيمة الرجال اى الرجال البالغين مرتبة الكمال وَلا تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ اى لكفار مكة بالعذاب فانه على شرف النزول بهم ومهلهم ليستعدوا بالتمتعات الحيوانية للعذاب العظيم فانى امهلهم رويدا كأنه ضجر بعض الضجر فأحب ان ينزل العذاب بمن أبى منهم فأمر بالصبر وترك الاستعجال كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ ما يُوعَدُونَ من العذاب لَمْ يَلْبَثُوا اى لم يمكثوا فى الدنيا والتمتع بنعيمها إِلَّا ساعَةً يسيرة وزمانا قليلا مِنْ نَهارٍ لما يشاهدون من شدة العذاب وطول مدته يعنى ان هول ما ينزل بهم ينسيهم مدة اللبث وايضا ان ما مضى وان كان دهرا طويلا لكنه يظن زمانا قليلا بل يكون كأن لم يكن فغاية التنعم الجسماني هو العذاب الروحاني كما فى البرزخ والعذاب الجسماني ايضا كما فى يوم القيامة
غبار قافله عمر چون نمايان نيست ... دو اسبه رفتن ليل ونهار را درياب
بَلاغٌ خبر مبتدأ محذوف اى هذا الذي وعظتم به كفاية فى الموعظة او تبليغ من الرسول فالعبد يضرب بالعصا والحر يكفيه الاشارة فَهَلْ يُهْلَكُ اى ما يهلك وبالفارسية پس آيا هلاك كرده خواهند شد بعذاب واقع كه نازل شود يعنى نخواهند شد إِلَّا الْقَوْمُ الْفاسِقُونَ اى الخارجون عن الاتعاظ به او عن الطاعة وقال بعض اهل التأويل اى الخارجون من عزم طلبه الى طلب ما سواه وفى هذه الألفاظ وعيد محض وإنذار بين وفى الفردوس قال ابن عباس رضى الله عنهما قال النبي عليه السلام إذا عسر على المرأة ولادتها أخذ اناء نظيف وكتب عليه كأنهم يوم يرون ما يوعدون إلخ وكأنهم يوم يرونها إلخ ولقد