المحفوظ فينزل بها الى الرسل فيلقيها عليهم وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ التوراة والإنجيل وسائر الكتب السالفة والايمان بالكل جملة فرض عين وبالقرآن تفصيلا من حيث انا متعبدون بتفاصيله فرض كفاية فان في وجوبه على الكل عينا حرجا بينا واخلالا بامر المعاش قال في التيسير الايمان بكل الكتب مع تنافى أحكامها على وجهين أحدهما التصديق ان كلها من عند الله والثاني الايمان بما لم ينسخ من أحكامها وَبِالْآخِرَةِ تأنيث الآخر الذي يقابل الاول وهو في المعدودات اسم للفرد اللاحق وهي صفة الدار بدليل قوله تعالى تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ وهي من الصفات الغالبة وكذا الدنيا والآخرة بفتح الخاء الذي يلى الاول وسميت الدنيا دنيا لدنوها من الآخرة وسميت الآخرة آخرة لتأخرها وكونها بعد الدنيا هُمْ يُوقِنُونَ الإيقان إتقان العلم بالشيء بنفي الشك والشبهة عنه نظرا واستدلالا
ولذلك لا يسمى علمه تعالى يقينا وكذا العلوم الضرورية اى يعلمون علما قطعيا مزيحا لما كان اهل الكتاب عليه من الشكوك والأوهام التي من جملتها زعمهم ان الجنة لا يدخلها الا من كان هودا او نصارى وان النار لم تمسهم الا أياما معدودات واختلافهم فى ان نعيم الجنة هل هو من قبيل نعيم الدنيا او لا وهل هو دائم او لا فقال فرقة منهم يجرى حالهم في التلذذ بالمطاعم والمشارب والمناكح على حسب مجراها في الدنيا وقال آخرون ان ذلك انما احتيج اليه في هذه الدار من أجل نماء الأجسام ولمكان التوالد والتناسل واهل الجنة مستغنون عنه فلا يتلذذون الا بالنسيم والأرواح العبقة والسماع اللذيذ والفرح والسرور وبناء يوقنون على الضمير تعريض بمن عداهم من اهل الكتاب وبما كانوا عليه من اثبات امر الآخرة على خلاف حقيقته فان اعتقادهم في امور الآخرة بمعزل من الصحة فضلا عن الوصول الى مرتبة اليقين فدل التقديم على التخصيص بان ايقان من آمن بما انزل إليك وما انزل من قبلك مقصور على الآخرة الحقيقية لا يتجاوز الى ما أثبته الكفار بالإقرار من اهل الكتاب قال ابو الليث رحمه الله في تفسيره اليقين على ثلاثة أوجه يقين عيان ويقين خبر ويقين دلالة فاما يقين العيان فهو انه إذا رأى شيأ زال الشك عنه في ذلك الشيء واما يقين الدلالة فهوان يرى الرجل دخانا ارتفع من موضع يعلم باليقين ان هناك نارا وان لم يرها واما يقين الخبر فهو ان الرجل يعلم باليقين ان في الدنيا مدينة يقال لها بغداد وان لم ينته إليها فههنا يقين خبر ويقين دلالة لان الآخرة حق ولان الخبر يصير معاينة عند الرؤية انتهى كلامه ويقال علم اليقين ظاهر الشريعة وعين اليقين الإخلاص فيها وحق اليقين المشاهدة فيها والعلم اليقين هو العلم الحاصل بالإدراك الباطني بالفكر الصائب والاستدلال وهذا للعلماء الذين يوقنون بالغيب ولا تزيد هذه المرتبة العلمية الا بمناسبة الأرواح القدسية فاذا يكون العلم عينا ولا مرتبة للعين الا اليقين الحاصل من مشاهدة المعلوم ولا تزيد هذه المرتبة الا بزوال حجاب الاثنينية فاذا يكون العين حقا وزيادة هذه المرتبة اى حق اليقين عدم ورود الحجاب بعده وعينه للاولياء وحقه للانبياء وهذه الدرجات والمراتب لا تحصل الا بالمجاهدة مثل دوام الوضوء وقلة الاكل والذكر او السكوت بالفكر في ملكوت السموات والأرض