وَلا يَؤُدُهُ يقال آده الشيء يئوده إذا أثقله ولحقه منه مشقة مأخوذ من الأود بفتح الواو وهو العوج ويعرض ذلك بالثقل اى لا يثقله ولا يشق عليه تعالى حِفْظُهُما اى حفظ السموات والأرض إذ القريب والبعيد عنده سواء والقليل والكثير سواء وكيف يتعب في خلق الذرة وكل الكون عنده سواء فلا من القليل له تيسر ولا من الكثير عليه تعسر انما امره إذا أراد شيأ ان يقول له كن فيكون وانما لم يتعرض لذكر ما فيهما لان حفظهما مستتبع لحفظه وَهُوَ الْعَلِيُّ اى المتعالي بذاته عن الأشباه والانداد الْعَظِيمُ الذي يستحقر بالنسبة اليه كل ما سواه. فالمراد بالعلو علو القدر والمنزلة لا علو المكان لانه تعالى منزه عن التحيز وكذا عظمته انما هي بالمهابة والقهر والكبرياء ويمنع ان يكون بحسب المقدار والحجم لتعالى شأنه من ان يكون من جنس الجواهر والأجسام. والعظيم من العباد الأنبياء والأولياء والعلماء الذين إذا عرف العاقل شيأ من صفاتهم امتلأ بالهيبة صدره وصار متشوقا بالهيبة قلبه حتى لا يبقى فيه متسع فالنبى عليه السلام عظيم في حق أمته والشيخ عظيم في حق مريده والأستاذ في حق تلميذه إذ يقصر عقله عن الإحاطة بكنه صفاته فان ساواه أو جاوزه لم يكن عظيما بالاضافة اليه. وهذه الآية الكريمة منطوية كما ترى على أمهات المسائل الإلهية المتعلقة بالذات العلية والصفات الحلية فانها ناطقة بانه تعالى موجود متفرد بالآلهية متصف بالحياة واجب الوجود لذاته موجد لغيره لما ان القيوم هو القائم بذاته المقيم لغيره منزه عن التحيز والحلول مبرأ من التغير والفتور لا مناسبة بينه وبين الأشباح ولا يعتريه ما يعترى النفوس والأرواح مالك الملك والملكوت ومبدع الأصول والفروع ذو البطش الشديد لا يشفع عنده الا من اذن له فهو العالم وحده بجميع الأشياء جليها وخفيها كليها وجزئيها واسع الملك والقدرة لكل ما من شأنه ان يملك ويقدر عليه ولا يشق عليه شاق ولا يشغله شأن عن شأن متعال عما تناله الأوهام عظيم لا تحدق به الافهام ولذلك قال عليه السلام (ان أعظم آية في القرآن آية الكرسي من قرأها بعث الله ملكا يكتب من حسناته ويمحو من سيآته الى الغد من تلك الساعة) يعنى انما صارت آية الكرسي أعظم الآيات لعظم مقتضاها فان الشيء انما يشرف بشرف ذاته ومقتضاه ومتعلقاته وآية الكرسي اقتضت التوحيد في خمسين حرفا وسورة الإخلاص فى خمسة عشر حرفا قال الامام في الإتقان اشتملت آية الكرسي على ما لم تشتمل عليه آية فى اسماء الله تعالى وذلك انها مشتملة على سبعة عشر موضعا فيها اسم الله تعالى ظاهرا في بعضها ومستكنا في بعض وهي الله هو الحي القيوم وضمير لا تأخذه وله وعنده وباذنه ويعلم وعلمه وشاء وكرسيه ويئوده وضمير حفظهما المستتر الذي هو فاعل المصدر وهو العلى العظيم ويكفى فى استحقاقها السيادة ان فيها الحي القيوم وهو الاسم الأعظم كما ورد به الخبر عن سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم وتذاكر الصحابة أفضل ما في القرآن فقال لهم على اين أنتم عن آية الكرسي ثم قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (يا على سيد البشر آدم وسيد العرب محمد ولا فخر وسيد الفرس سلمان وسيد الروم صهيب وسيد الحبشة بلال وسيد الجبال الطور وسيد الأيام يوم الجمعة وسيد الكلام القرآن وسيد القرآن البقرة وسيد البقرة آية الكرسي) وعن على