فتقدم في خيله فقام بإزائه وصف أصحابه وحانت العصر فصلى رسول الله بأصحابه صلاة الخوف فكيف يصح ما ذكره وقد صح ان اسلام خالد بن الوليد كان بعد الحديبية في السنة الثامنة او قبلها انتهى وكذا قال في انسان العيون خالد بن الوليد اسلم بعد وقعة الحديبية وعن ابن عباس رضى الله عنهما ان الله تعالى اظهر المسلمين عليهم بالحجارة حتى أدخلوهم البيوت يعنى ان جماعة من أهل مكة خرجوا يوم الحديبية يرمون المسلمين فرماهم المسلمون بالحجارة حتى أدخلوهم بيوت مكة فلما كان الكف على الوجه المذكور في غاية البعد قال تعالى وهو الذي إلخ على طريق الحصر استشهادا به على ما تقدم من قوله ولو قاتلكم إلخ او هم ثمانون رجلا طلعوا على رسول الله من قبل التنعيم عند صلاة الصبح ليأخذوه بغتة ويقتلوا الاصحاب فأخذهم رسول الله فخلى سبيلهم فيكون المراد ببطن مكة وادي الحديبية لان بعضها من الحرم وفي المفردات اصل البطن الجارحة ويقال للجهة السفلى بطن وللجهة
العليا ظهر وبه شبه بطن الأمر وبطن الوادي والبطن من العرب اعتبارا بانهم كشخص واحد فان كل قبلة منهم كعضو بطن وفخذ وكاهل انتهى يقول الفقير لا شك ان وادي الحديبية واقع في الجهة السفلى من مكة لانه في جانب جدة المحروسة فيكون المراد بالبطن تلك الجهة لا داخل مكة والمعنى والله تعالى اعلم ان الله هو الذي كف أيديهم عنكم وايديكم عنهم من الحديبية التي هى الجهة السفلى من مكة من بعد ان أقدركم عليهم بحيث لو قاتلتموهم غلبتهم عليهم بأذنه تعالى على ما كان في علمه كما قال ولو قاتلكم إلخ وسيأتى سر الكف في الآية التي تلى هذه وَكانَ اللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ من مقاتلتكم وهزمكم إياهم اولا طاعة لرسوله وكفكم عنهم ثانيا لتعظيم بيته الحرام وصيانة اهل الإسلام بَصِيراً عالما لا يخفى عليه شيء فيجازيكم بذلك وقال بعض العلماء من بعد ان أظفركم عليهم يوم الفتح وبه استشهد ابو حنيفة رحمه الله على ان مكة فتحت عنوة لا صلحا واما ان السورة نزلت قبله فلا يخالف لانه من الاخبار عن الغيب كقوله انا فتحنالك نعيم يرد عليه منع دلالته على العنوة فقد يكون الظفر على البلد بالصلح وكذلك قال الزمخشري في أول السورة الفتح الظفر بالبلد عنوة او صلحا بحرب او بغير حرب كما في حواشى سعدى المفتى وقال في بحر العلوم ويدل على انها فتحت عنوة قوله تعالى انا فتحنا لك فتحا مبينا لان لفظ الفتح إذا ورد مطلقا لا يقع الا على ما فتح عنوة انتهى يقول الفقير هذا ليس من قبيل الفتح المطلق ولو سلم فالفتح المطلق لا يدل عليه ولذا فارنه تعالى بالنصرة في سورة النصر فان النصر يقتضى القهارية لا الفتح وقال في عين المعاني وقد فتحت صلحا عند الشافعي قلنا بل عنوة لقوله عليه السلام لاصحابه احصدوهم بالسيف حصدا الا انه لم يضع الجزية على أهلها ولا الخراج على اراضيها كما هو مذهبنا فيما يفتح عنوة لان مشركى العرب لا يقبل منهم الا الإسلام او السيف عندنا واما سواد الكوفة ارض العجم انتهى وقصة فتح مكة على الإجمال ان الفتح كان في شهر رمضان سنة ثمان من الهجرة وكان السبب في ذلك نقض عهد وقع من جانب قريش وذلك ان شخصا من بنى بكر هجا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وصار