للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لبقاء قوته في قلبه وفي لسانه وانما ينقطع صوت الميت وصياحه مع شدته لان الكرب قد بولغ فيه وتصاعد على قلبه وغلب على كل موضع منه اعنى البدن فهد كل قوة وأضعف كل جارحة فلم يترك له قوة الاستغاثة قال وهب بن منبه بلغنا انه ما من ميت يموت حتى يرى الملكين اللذين كانا يحفظان عمله في الدنيا فان صحبهما بخير قالا جزاك الله خيرا فرب مجلس خير قد أجلستنا وعمل صالح قد أحضرتنا وان كان رجل سوء قالا جزاك الله شرا فرب مجلس شر قد أجلستنا ورب كلام سوء قد اسمعتنا قال فذلك الذي يشخص بصر الميت ثم لا يرجع الى الدنيا ابدا (قال الشيخ سعدى)

دريغست فرموده ديو زشت ... كه دست ملك بر تو خواهد نوشت

روا دارى از جهل وناپاكيت ... كه پاكان نويسند ناپاكيت

وربما كشف للميت عن الأمر الملكوتي قبل أن يغر غرفعاين الملائكة على حقيقة عمله اى على صورهى حقائق اعماله فان كانت اعماله حسنة يراهم على صورة حسنة وان كانت سيئة فعلى صور قبيحة ثم مراتب الحسن والقبح متفاوتة بحسب حسن الأعمال وقبحها وبحسب أنواعها فالملائكة لا يراهم البشر على ما يتحيزون اليه من عالمهم الا ما كان من النبي عليه السلام من رؤية جبريل مرتين على صورته الاصلية وفي التأويلات النجمية إذا اشرف الناس على الخروج من الدنيا فأحوالهم تختلف فمنهم من يزداد في ذلك الوقت خوفه ولا يتبين حاله الا عند ذهاب الروح ومنهم من يكاشف قبل خروجه فيسكن روعه ويحفظ عليه قلبه ويتم له حضوره وتمييزه فيسلم الروح على مهل من غير استكراه وعبوس ومنهم ومنهم وفي معناه يقول بعضهم

أنا ان مت فالهوى حشو قلبى ... وابتداء الهوى بموت الكرام

قال بعض الكبار ان السيد عبد القادر الجيلي قدس سره لما حضرته الوفاة وضع خده على الأرض وقال هذا هو الحق الذي كنا عنه في حجاب فشهد على نفسه بأن مقام الا دلال الذي كان فيه نقص بالنسبة الى حاله الذي ظهر له عند الموت وتمم الله حاله عند الموت ومات على الكمال وعكس هذا ما حكى ان مولانا حميد الدين اخذه اضطراب عظيم في مرض موته فقيل له اين علومك ومعارفك فقال يطلبون منا القلب وأحوال القلب وذلك غير موجود عندنا فالاضطراب من تلك الجهة (وروى) لبعضهم كلمات عالية ثم رؤى حالة الرحلة في غاية التشوش وقد ذهب عنه التحقيقات وذلك لان الأمر الحاصل بالتكلف لا يستقر حال المرض والهرم فكيف حال مفارقة الروح فلذا انتقل البعض في مقام القبض والهيبة وقد روى ان بعضهم ضحك عند الموت وقال لمثل هذا فليعمل العاملون وبعضهم بكى وقال ما لهذا نسعى طول عمرنا وأراد تجلى الله تعالى عند ذلك فاذا كان حال ارباب الأحوال هكذا فما ظنك بأحوال غيرهم وقد قالوا ان سكرات الموت بحسب الأعمال ولاحوال وقد تظهر صفات حسنها وقبحها عند الموت فالمغتاب تقرض شفاهه بمقاريض من نار والسامع للغيبة يسلك فى اذنيه نار جهنم وآكل الحرام يقدم له الزقوم كذلك الى آخر اعمال العبد كل ذلك يظهر عند سكرات الموت فالميت يجوزها سكرة بعد سكرة فعند آخرها يقبض روحه وكان عليه

<<  <  ج: ص:  >  >>