للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لهما الا أن يملأهما خلقا وما اشترط عذاب من يملؤهما بهم ولا نعيمهم وان الجنة أوسع من النار بلا شك فان عرضها السموات والأرض فما ظنك نطولها فهى للنار كمحيط الدائرة والنار عرضها قدر الخط الذي

يميز قطرى دائرة فلك الكواكب الثابتة فاين هذا الضيق من تلك السعة وسبب هذا الاتساع جنات الاختصاص الإلهي فورد في الخبر أنه يبقى ايضا في الجنة أماكن ما فيها أحد فيخلق الله خلقا للنعيم يعمرها بهم وهو أن يضع الرحمن فيها قدمه اى آخر وجود يعطيه وليس ذلك الا في جنات الاختصاص فالحكم لله العلى الكبير فمن كرمه انه ما انزل أهل النار الأعلى أعمالهم خاصة واما قوله تعالى زدناهم عذابا فوق العذاب فذلك لطائفة مخصوصة هم الأئمة المضلون ثم لا بد لاهل النار من فضله ورحمته في نفس النار بعد انقضاء مدة موازنة ازمان العمل فيفقدون الاحساس بالآلام في نفس النار فتتخلد جوارحهم بأزالة الروح الحساس منها إذ ليسوا بخارجين منها فلا يموتون فيها ولا يحيون وثم طائفة يعطيهم الله بعد انقضاء موازنة المدد بين العذاب والعمل نعيما خياليا مثل ما يراه النائم ونضج جلودهم خدرها فزمان النضج والتبديل يفقدون الآلام لخمود النار في حقهم فيكونون في النار كالامة التي دخلتها وليست من أهلها فأماتهم الله فيها اماتة فلا يحسون بما تفعله النار في أبدانهم الحديث بكماله ذكره مسلم في صحيحه وهذا من فضل الله ورحمته يقول الفقير للانسان الكامل قدمان قدم الجلال وقدم الجمال وبالأولى تمتلئ جهنم وبالثانية تمتلئ الجنة وبيان ذلك ان جهنم مقام أهل الطبيعة والنفس يعنى انها مظهر قدم الجلال والجنة مقام أهل الروح والسر يعنى انها مظهر قدم الجمال والأعراف مقام اهل القلب لمناسبة بين الأعراف والقلب من حيث انه مقام بين الجنة والنار كما ان القلب برزخ بين الطبيعة والنفس وبين الروح والسر وللانسان الكامل نشأة جنانية روحانية ونشأة دنيوية جسمانية فهو لا يدخل الجنة الا بمرتبة الروح والسر فتبقى صورته الطبيعية والنفسية المتعلقة بنشأته العنصرية فيملأ الله سبحانه جهنم بهذه البقية يعنى يظهر مظاهر جلاليته من تلك البقية فيملأها بها حتى تقول قط قط فما دام لم يظهر هذا التجلي من الإنسان الكامل لا تزال جهنم تقول هل من مزيد وهو المراد بقدم الجبار كذا في الحديث واليه أشار الشيخ الكبير رضى الله عنه في الفكوك بقوله وأخبرت من جانب الحق ان القدم الموضوع في جهنم هو الباقي في هذا العالم من صور الكمل مما لا يصحبهم فى النشأة الجنانية وكنى عن ذلك الباقي بالقدم لمناسبة شريفة لطيفة فان القدم من الإنسان آخر أعضائه صورة فكذلك نفس صورته العنصرية آخر أعضاء مطلق الصورة الانسانية لان صور العالم بأجمعها كالاعضاء لمطلق صورة الحقيقة الانسانية وهذه النشأة آخر صورة ظهرت منها الحقيقة الانسانية وبها قامت الصور كلها التي قلت انها كالاعضاء انتهى وقال ايضا ان الجنة لا تسع إنسانا كاملا وانما منه في الجنة ما يناسب الجنة وفي كل عالم ما يناسب ذلك العالم وما يستدعيه ذلك العالم من الحق من حيث ما في ذلك العالم من الإنسان بل أقول ولو خلت جهنم منه لم تبق وبه امتلأت واليه الاشارة بقدم الجبار المذكور في الحديث انتهى ايضا وقال الشيخ روزبهان البقلى في عرائس البيان ان جهنم لتشتاق الى الله كما تشتاق اليه الجنة فاذا رأى

<<  <  ج: ص:  >  >>