للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المالية وفي الحج واما غير ذلك من الطاعات كالصلاة والصوم وقراءة القرآن وغيره لا يجوز ويكون ثوابه لفاعله وعند المعتزلة ليس للانسان جعل ثواب عمله مطلقا لغيره ولا يصل اليه ولا ينفعه لقوله تعالى وان ليس للانسان الا ما سعى ولان الثواب الجنة وليس في قدرة العبد أن يجعلها لنفسه فضلا عن غيره واختلفوا فيمن مات قبل أن يحج فقال ابو حنيفة ومالك يسقط عنه الحج بالموت ولا يلزم الحج عنه الا أن يوصى بذلك وقال الشافعي

واحمد لا يسقط عنه ويلزم الحج عنه من رأس ماله واختلفوا فيمن لم يحج عن نفسه هل يصح أن يحج عن غيره فقال ابو حنيفة ومالك يصح ويجزى عن الغير مع الكراهة وقال الشافعي واحمد لا يصح ولو فعل وقع عن نفسه واما الصلاة فهى عبادة بدنية لا تصح فيها النيابة بمال ولا بدن بالاتفاق وعند ابى حنيفة إذا مات وعليه صلوات يعطى لكل صلاة نصف صاع من بر او صاع من تمر او شعير او قيمة ذلك فدية تصرف للمساكين وليس للمدفوع اليه عدد مخصوص فيجوز ان يدفع لمسكين واحد الفدية عن عدة صلوات ولا يجوز أن تدفع فدية صلاة لا كثر من مسكين ثم لا بد من الإيصاء بذلك فلو تبرع الورثة بذلك جاز من غير لزوم وذلك عند ابى حنيفة خلافا للثلاثة (وروى) ان رجلا سأل النبي عليه السلام فقال كان لى أبوان أبرهما حال حياتهما فكيف أبرهما بعد موتهما فقال ان من البر بعد الموت أن تصلى لهما مع صلاتك وتصوم لهما مع صومك رواه الدار قطنى عن على رضى الله عنه وهذا الحديث حجة لابى حنيفة في تجويزه جعل العبادة البدنية ايضا لغيره خلافا للشافعى كما مر (وروى) ايضا من مر على المقابر قرأ قل هو الله أحد عشر مرات ثم وهب أجرها للاموات أعطى من الاجر بعدد الأموات رواه الدار قطنى عن انس بن مالك رضى الله عنه مرفوعا فهذا ايضا حجة له في تجويزه جعل ثواب التلاوة للغير خلافا للشافعى (وروى) عن النبي عليه السلام انه ضحى بكبشين أملحين أحدهما عن نفسه والآخر عن أمته المؤمنين متفق عليه اى جعل ثوابه لها وهذا تعليم منه عليه السلام بأن الإنسان ينفعه عمل غيره والاقتداء به عليه السلام هو الاستمساك بالعروة الوثقى وكذا قال الحسن البصري رحمه الله رأيت عليا رضى الله عنه يضحى بكبشين وقال ان رسول الله أوصاني أن أضحى عنه وكان الشيخ الفقيه القاضي الامام مفتى الأنام عز الدين بن عبد السلام يفتى بانه لا يصل الى الميت ثواب ما يقرأ ويحتج بقوله وان ليس للانسان الا ما سعى فلما توفى رأه بعض أصحابه ممن يجالسه وسأله عن ذلك وقال له انك كنت تقول لا يصل الى الميت ثواب ما يقرأ ويهدى اليه فكيف الأمر فقال له كنت أقول ذلك في دار الدنيا والآن قد رجعت عنه لما رأيت من كرم الله في ذلك انه يصل اليه ذلك وقد قيل ان ثواب القراءة للقارئ وللميت ثواب الاستماع ولذلك تلحقه الرحمة قال الله تعالى وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وانصتوا لعلكم ترحمون قال القرطبي ولا يبعد من كرم الله أن يلحقه ثواب القراءة والاستماع جميعا ويلحقه ثواب ما يهدى من قراءة القرآن وان لم يسمعه كالصدقة والاستغفار ولان القرآن دعاء واستغفار وتضرع وابتهال وما تقرب المتقربون الى الله بمثل

<<  <  ج: ص:  >  >>