للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مع انه واجب في الإبداء ايضا لما ان الإخفاء مظنة الالتباس والاشتباه فان الغنى ربما يدعى الفقر ويقدم على قبول الصدقة سرا ولا يفعل ذلك عند الناس فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ اى فالاخفاء خير لكم من الإبداء وكل متقبل إذا صلحت النية وهذا في التطوع ومن لم يعرف بالمال واما فى الواجب فبالعكس ليقتدى به كالصلاة المكتوبة في الجماعة أفضل والنافلة في البيت ولنفى التهمة وسوء الظن حتى إذا كان المزكى ممن لا يعرف باليسار كان اخفاؤه أفضل خوف الظلمة عن ابن عباس رضى الله عنهما صدقة السر في التطوع تفضل علانيتها سبعين ضعفا وصدقة الفريضة علانيتها أفضل من سرها بخمسة وعشرين ضعفا وَالله يُكَفِّرُ عَنْكُمْ مِنْ سَيِّئاتِكُمْ من تبعيضية اى شيأ من سيآتكم لانه يمحو بعض الذنوب بالتصدق في السر والعلانية او زائدة على رأى الأخفش فالمعنى يمحو عنكم جميع ذنوبكم وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ من الاسرار والإعلان خَبِيرٌ فهو ترغيب في الاسرار ذكر الامام في ان الاسرار والإخفاء في صدقة التطوع أفضل وجوها الاول انها ابعد من الرياء والسمعة قال صلى الله عليه وسلم (لا يقبل من مسمع ولامرائى ولا منان) والمتحدث في صدقة لا شك انه يطلب السمعة والمعطى في ملأ من الناس يطلب الرياء فالاخفاء والسكوت هو المخلص منهما. وقد بالغ قوم في صدقة الإخفاء واجتهدوا ان لا يعرفهم أحد فكان بعضهم يلقيها في يد أعمى وبعضهم يلقيها في طريق الفقير في موضع جلوسه حيث يراه ولا يرى المعطى وبعضهم كان يشدها في ثوب الفقير وهو نائم وبعضهم كان يوصل الى يد الفقير على يد غيره وثانيها انه إذا أخفى صدقته لم يحصل له من الناس شهرة وتمدح وتعظيم فكان ذلك أشق على النفس فوجب ان يكون اكثر ثوابا وثالثها قوله صلى الله عليه وسلم (أفضل الصدقة جهد المقل الى فقير في سر) وقال ايضا (ان العبد يعمل عملا ان في السر فيكتبه الله تعالى سرا فان أظهره نقل من السر وكتب في العلانية فان تحدث نقل من السر والعلانية وكتب في الرياء) وفي الحديث (سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل الا ظله امام عدل وشاب نشأ في عبادة الله تعالى ورجل قلبه معلق بالمسجد إذا خرج منه حتى يعود اليه

ورجلان تحابا في الله اجتمعا على ذلك وتفرقا ورجل ذكر الله خاليا ففاضت عيناه ورجل دعته امرأة ذات حسن وجمال فقال انى أخاف الله ورجل تصدق بصدقة فاخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه) وقال صلى الله عليه وسلم (صدقة السر تطفئ غضب الرب) واما الوجه في جواز اظهار الصدقة فهو ان الإنسان إذا علم انه إذا أظهرها صار في ذلك سببا لاقتداء الحلق به فالاظهار أفضل قال محمد بن على الحكيم الترمذي ان الإنسان إذا اتى بعمله وهو يخفيه عن الخلق وفي نفسه شهوة ان يرى الخلق منه ذلك وهو يدفع تلك الشهوة فههنا الشيطان يردد عليه رؤية الخلق والقلب ينكر ذلك ويدفعه فهذا الإنسان في محاربة الشيطان فضوعف العمل في السر سبعين ضعفا على العلانية ثم ان تقرب العبد الى الله انما يكون بفرض أوجبه الله عليه او بنفل أوجبه العبد على نفسه فعلى كلا التقديرين الله عليم بهما فيجازى العبد بهما كما قال في حديث ربانى (لن يتقرب الى المتقربون بمثل ما افترضت عليهم ولا يزال العبد يتقرب الى بالنوافل حتى أحبه فاذا أحببته كنت له سمعا وبصرا ولسانا ويدا فبى يسمع وبي يبصر وبي ينطق وبي يبطش)

<<  <  ج: ص:  >  >>