تعالى وتسبحوه واللام اما مزيدة للتأكيد كما في نصحت له وشكرت له في نصحته وشكرته او للتعليل والفعل منزل منزلة اللازم اى فعل التسبيح وأوقعه وأحدثه لاجل الله تعالى وخالصا لوجهه والمراد بما في السموات والأرض جميع المخلوقات من حى وجماد وجاء بما تغليبا للاكثر مع ان اكثر العلماء على ان ما يعم العقلاء وغيرهم والمراد بتسبيح الكل تسبيح عبادة ومقال كما قال بعض الكبار قد أخذ الله بأبصار الانس والجن عن ادراك حياة الجماد الا من شاء الله والأشياء كلها انما خلقت له سبحانه لتسبح بحمده واما انتفاعنا بها انما هو بحكم التبعية لا بالقصد الاول قال الحسن البصري رحمه الله لولا ما يخفى عليكم من تسبيح من معكم في البيوت ما تقاررتم ثم وقال بعضهم لا يصدر عن الحي الا حى ولو وجد من العالم موجود غير حى لكان غير مستند الى حقيقة الهية وذلك محال فالجماد ميت في نظر المحجوب حى في نفس الأمر لا ميت لان حقيقة الموت مفارقة حى مدبر لحى مدبر والمدبر والمدبر حى والمفارقة نسبة عدمية لا وجودية فان الشان انما هو عزل عن ولاية وانتقال من دار الى دار وليس من شرط الحي أن يحس لان الاحساس والحواس امر معقول زائد على كونه حيا وانما هما من شرط العلم وقد لا يحس وقد لا يحس وتأمل صاحب الآكلة إذا أكل ما يغيب به إحساسه كيف يقطع عضوه ولا يحس به مع انه حى ليس يميت وقال بعضهم كل شيء في العالم يسبح الله بحمده الذي اطلعه الله على انه حمد به نفسه ويختلف ذلك باختلافهم الا الإنسان خاصة فان بعضه يسبح بغير حمده ولا يقبل من الحق بعض ما اثنى به على نفسه فهو يؤمن ببعض وهو قوله ليس كمثله شيء ويكفر ببعض وهو تنزيه الله عما اضافه الى نفسه ووصف نفسه به من التشبيه بالمحدثات فقوله تعالى وان من شيء الا يسبح بحمده اى بالثناء الذي اثنى به الحق على نفسه وأنزله على السنة رسله لا بما ولده العقل فان الله تعالى قال في حق من سبح الحق بعقله سبحان ربك العزة عما يصفون أعلا مالنا انه ورلء كل ثناء واهل الله تعالى لا بد لهم في سلوكهم من سماع تسبيح كل شيء بلسان طلق لالسان حال كما يعتقده بعضهم ثم ان الله تعالى من رحمته يأخذ أسماعهم بعد تحققهم ذلك ويبقى معهم العلم لانه لو أسمعهم ذلك على الدوام لطاشت عقولهم وفي الحديث (ان كل شيء من الجماد والحيوان يسمع عذاب القبر الا الثقلين) فثبت ان السموات والأرض بجميع اجزائهما وما فيهما من الملك والشمس والقمر والنجوم والانس والجن والحيوان والنبات والجماد لها حياة وفهم وادراك وتسبيح وحمد كما قال تعالى وان من شيء الا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم واعلم ان الله تعالى هو المسبح اسم مفعول في مقام التفصيل والمسبح اسم فاعل في مقام الجمع فالتسبيح تنزيه الحق بحسب مقام الجمع والتفصيل من النقائص الامكانية ومن الكمالات الانسانية المختصة من حيث التقيد والتعين وَهُوَ الْعَزِيزُ بقدرته وسلطانه لا يمانعه ولا ينازعه
شيء الْحَكِيمُ بلطفه وتدبيره لا يفعل الا ما تقتضيه الحكمة والمصلحة وفيه اشعار بعلية الحكم فان العزة وهى الغلبة على كل شيء تدل على كمال القدرة والحكمة تدل على كمال العلم والعقل يحكم بأن الموصوف بهما يكون منزها