للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

درج مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقاتَلُوا لانهم انما فعلوا من الانفاق والقتال قبل عزة الإسلام وقوة أهله عند كمال الحاجة الى النصرة بالنفس والمال وهؤلاء فعلوا ما فعلوا بعد ظهور الدين ودخول الناس فيه أفواجا وفلة الحاجة الى الانفاق والقتال وقد صرح عليه السلام ايضا بفضل الأولين بقوله لو أنفق أحدكم مثل أحد ذهبا ما بلغ مد أحد هم ولا نصيفه قال فى القاموس المد بالضم مكيال وهو رطلان او رطل وثلث او ملئ كفى الإنسان المعتدل إذا ملأهما ومديده بهما وبه سمى مدا وقد جربت ذلك فوجدته صحيحا والنصيف والنصف واحد وهو أحد شقى الشيء وللضمير في نصيفه راجع الى أحدهم لا الى المد والمعنى ان أحدكم أيها الصحابة الحاضرون لا يدرك بانفاق مثل جبل أحد ذهبا من الفضيلة ما أدرك أحدهم بانفاق مد من الطعام او نصيف له وفيه اشارة الى ان صحبة السابقين الأولين كاملة بالنسبة الى صحبة اللاحقين الآخرين لسبقهم وتقدمهم وفي الحديث سيأتى قوم بعدكم تحقرون أعمالكم مع أعمالهم قالوا يا رسول الله نحن أفضل أم هم قال لو أن أحدهم أنفق مثل أحد ذهبا ما أدرك فضل أحدكم ولا نصفه فرقت هذه الآية بينكم وبين الناس لا يستوى منكم الآية ذكره ابو الليث في تفسيره وفيه اشارة الى ان الصحابة متفاوتون في الدرجة بالنسبة الى التقدم والتأخر وإحراز الفضائل فكذا الصحابة ومن بعدهم فالصحابة مطلقا أفضل ممن جاء بعدهم مطلقا فانهم السابقون من كل وجه وَكُلًّا اى كل واحد من الفريقين وهو مفعول أول لقوله وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنى اى المثوبة الحسنى وهى الجنة لا الأولين فقط ولكن الدرجات متفاوتة وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ بظواهره وبواطنه فيجازيكم بحسبه

قال في المناسبات لما كان زكاء الأعمال انما هو بالنيات وكان التفضيل مناط العلم قال مرغبا في حسن النيات مرهبا من التقصير فيها والله بما تعملون اى تجددون عمله على ممر الأوقات خبير اى عالم بباطنه وظاهره علما لا مزيد عليه بوجه فهو يجعل جزاء الأعمال على قدر النيات التي هى أرواح صورها

عبادت بإخلاص نيت نكوست ... وكر نه چهـ آيد زبى مغز پوست

وقال الكلبي نزلت هذه الآية في أبى بكر الصديق رضى الله عنه وفيها دلالة ظاهرة وحجة باهرة على تفضيل أبى بكر وتقديمه فانه أول من أسلم وذلك فيما روى ان أبا امامة قال لعمر بن عبينة باى شيء تدعى انك ربع الإسلام قال انى كنت أرى الناس على الضلالة ولا ارى للاوثان شيأ ثم سمعت عن رجل يخبر عن أخبار مكة فركبت راحلتى حتى قدمت عليه فقلت من أنت قال انا نبى قلت وما نبى قال رسول الله قلت بأى شيء أرسلك قال أوحد الله لا أشرك به شيأ واكسر الأوثان واصل الأرحام قلت من معك على هذا قال حر وعبد وإذا معه ابو بكر وبلال فاسلمت عند ذلك فرأيتنى ربع الإسلام يعنى پس دانستم خود را ربع اسلام وانه اى أبا بكر أول من اظهر الإسلام على ما روى عن عبد الله ابن مسعود رضى الله عنه قال كان أول من اظهر الإسلام رسول الله عليه السلام وابو بكر وعمار وامه سمية وصهيب وبلال والمقداد وانه أول من قاتل على الإسلام وخاصم الكفار حتى ضرب

<<  <  ج: ص:  >  >>