للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من الشعلة والاقتباس طلب ذلك ثم يستعار لطلب العلم والهداية قال بعضهم النار والنور من اصل واحد وهو الضوء المنتشر يعين على الابصار وكثيرا ما يتلا زمان لكن النار متاع للمقوين فى الدنيا والنور متاع لهم في الدنيا والآخرة ولاجل ذلك استعمل في النور الاقتباس وقيل نقتبس من نوركم اى تأخذ من نوركم قبسا سراچاوشعلة وقيل ان الله يعطى المؤمنين نورا على قدر أعمالهم يمشون به على الصراط ويعطى المنافقين ايضا نورا خديعة لهم وهو قوله تعالى وهو خادعهم فبينما عم يمشون إذ بعث الله ريحا وظلمة فأطفأ نور المنافقين فذلك قوله يوم لا يخزى الله النبي والذين آمنوا معه نورهم يسعى بين أيديهم وبأيمانهم يقولون ربنا أتمم لنا نورنا مخافة أن يسلبوا نورهم كما سلب المنافقون وقال الكلبي بل يستضئ المنافقون بنور المؤمنين ولا يعطون النور فاذا سبقهم المؤمنون وبقوا في الظلمة قالوا للمؤمنين انظرونا نقتبس من نوركم قِيلَ طردا لهم وتهكما بهم من جهة المؤمنين

او من جهة الملائكة ارْجِعُوا وَراءَكُمْ اى الى الموقف فَالْتَمِسُوا نُوراً اى فاطلبوا نورا فانه من ثمة يقتبس او الى الدنيا فالتمسوا النور بتحصيل مباديه من الايمان والأعمال الصالحة

كار اينجا كن كه تشويشست در محشر بسى ... آب ازينجا بركه در عقبى بسى شور وشرست

وروى عن أبى امامة الباهلي رضى الله عنه انه قال بينا العباد يوم القيامة عند الصراط إذ غشيهم ظلمة يقسم الله النور بين عباده فيعطى الله المؤمن نورا ويبقى المنافق والكافر لا يعطيان نورا فكما لا يستضئ الأعمى بنور البصير لا يستضئ الكافر والمنافق بنور المؤمن فيقولون انظرونا نقتبس من نوركم فيقولون لهم ارجعوا حيث قسم النور فيرجعون فلا يجدون شيئا فيرجعون وقد ضرب بينهم بسور او ارجعوا خائبين خاسئين وتنحوا عنا فالتمسوا نورا آخر وقد علموا أن لا نور وراءهم وانما قالوه تخييبا لهم او أرادوا بالنور ما وراءهم من الظلمة الكثيفة تهكما بهم وقال بعض أهل الاشارة كأن استعداداتهم الفطرية الفائتة عنهم تقول بلسان الحال ارجعوا الى استعداداتكم الفطرية التي أفسدتم بحب الدنيا ولذاتها وشهواتها واقتبسوا منها نورا إذا ما تصلون الى مطلوباتكم الا بحسب استعداداتكم وهى فائتة عنكم باشتغالكم بالأمور الدنيوية واعراضكم عن الاحكام الاخروية والتوجهات المعنوية فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ اى بين الفريقين وهم المؤمنون والمنافقون يعنى ملائكه بحكم الهى بزنند ولما كان البناء مما يحتاج الى ضرب باليد ونحوها من الآلات عبر عنه بالضرب ومثله ضرب الخيمة لضرب أوتادها بالمطرقة بِسُورٍ اى حائط بين شق الجنة وشق النار فان سور المدينة حائطها المشتمل عليها والباء زائدة وبالفارسية ديوارى نزديك چون باره شهرى قال بعضهم هو سور بين أهل الجنة والنار يقف عليه اصحاب الأعراف يشرفون على اهل الجنة واهل النار وهو السور الذي يذبح عليه الموت يراه الفريقان معا لَهُ اى لذلك السور بابٌ يدخل فيه المؤمنون فيكون السور بينهم باعتبار ثانى الحال اعنى بعد الدخول لا حين الضرب باطِنُهُ اى باطن السور او الباب فِيهِ الرَّحْمَةُ لانه يلى الجنة وَظاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ اى من جهته وعنده الْعَذابُ لانه يلى النار وقال بعضهم هو سور بيت القدس الشرقي باطنه فيه

<<  <  ج: ص:  >  >>