وَلا تَفْرَحُوا بِما آتاكُمْ اى أعطاكم الله منها فان من علم ان كلا من المصيبة والنعمة مقدر يفوت ما قدر فواته ويأتى ما قدر إتيانه لا محالة لا يعظم جزعه على ما فات ولا فرحه بما هو آت إذ يجوز أن يقدر ذهابه عن قريب وقيل لبرز جمهر أيها الحكيم مالك لا تحزن على ما فات ولا تفرح بما هو آت قال لان الفائت لا يتلافى بالعبرة والآتي لا يستدام بالحبرة اى بالحبور والسرور لا التأسف يرد فائتا ولا الفرح يقرب معدوما قال ابن مسعود رضى الله عنه لأن أمس جمرة أحرقت ما أحرقت وأبقت ما أبقت أحب الى من أن أقول لشيء لم يكن ليته كان (قال الكاشفى) اخبارست بمعنى نهى يعنى از ادبار دنيا ملول واز اقبال او مسرور مشويد كه نه آنرا قراريست ونه اين را اعتباري كردست
دهد كراى شادى نكند ... ورفوت شود نير نير زد بغمى
واز مرتضى رضى الله عنه منقولست كه هر كه بدين آيت كار كند هر آيينه فراگيرد زهد او
را بهر دو طرف او يعنى زاهدى تمام باشد و چهـ زيبا كفته اند
مال اربتور ونهد مشو شاد از ان ... ور فوت شود مشو بفرياد از ان
پندست پسنديده بكن ياد از ان ... تا دينى ودينت شود آباد از ان
والمراد بالآية نفى الأسى المانع عن التسليم لامر الله والفرح الموجب للبطر والاختيال ولذا عقب بقوله تعالى وَاللَّهُ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتالٍ فَخُورٍ فان من فرح بالحظوظ الدنيوية وعظمت في نفسه اختال وافتخر بها لا محالة والمختال المتكبر المعجب وهو من الخيلاء وهو التكبر من تخيل فضيلة تترآءى للانسان من نفسه ومنها يتأول لفظ الخيل لما قيل انه لا يركب أحد فرسا الا وجد في نفسه نخوة وبالفارسية وخداى تعالى دوست ندارد هر متكبرى را كه بر نعمت دنيا بر ديكرى تطاول كند فخور نازنده بدنيا وفخر كننده بدان بر اكفاء واقران قال في بحر العلوم المختال ذو الخيلاء والكبر وهو من العام المخصوص بدليل قول النبي عليه السلام ان من الخيلاء ما يحبها الله ومنها ما يبغضها الله اما الخيلاء التي يحبها الله فالاختيال عند الصدقة واختيال الرجل بنفسه عند اللقاء واما الخيلاء التي يبغضها الله فالاختيال فى البغي والفجور اى لا يحب كل متكبر بما أوتى من الدنيا فخور مبالغ في الفخر به على الناس انتهى وصف بعض البلغاء متكبرا فقال كأن كسرى حامل غاشيته وقارون وكيل نفقته وبلقيس احدى دايانه وكأن يوسف لم ينظر الا بمقلته ولقمان لم ينطق الا بحكمته وكأن الخضراء له عرشت والغبراء باسمه فرشت وفي تخصيص التذييل بالنهى عن الفرح المذكور إيذان بأنه أقبح من الأسى وفي الآية اشارة الا انه يلزم أن يثبت الإنسان على حال في السرآء والضراء فان كان لا بد له من فرح فليفرح شكرا على عطائه لا بطرا وان كان لا بد من حزن فليحزن صبرا على قضائه لا ضجرا قال قتيبة بن سعيد دخلت على بعض احياء العرب فاذا أنا بفضاء مملوء من الإبل الميتة بحيث لا تحصى ورأيت شخصا على تل يغزل صوفا فسألته فقال كانت باسمي فارتجعها من أعطاها ثم أنشأ يقول
لا والذي انا عبد من خلائقه ... والمرء في الدهر نصب الرزء والمحن