القصر وتركت مسجد رسول الله فقال رأيت مساجدكم لاهية وأسواقكم لاغية والفاحشة في فجاجكم عالية ومما هنا لكم عما أنتم فيه عافية (وحكى) ان جماعة من السلف مثل مالك وغيره تركوا اجابة الدعوات وعيادة المرضى والجنائز بل كانوا أحلاس بيوتهم لا يخرجون الا الى الجمعة وزيارة القبور وبعضهم فارق الأمصار وانحاز الى قال الجبال تفرغا للعبادة وفرارا من الشواغل واختار جماعة من السلف العزلة لمشاهدتهم المنكرات في الأسواق والأعياد والمجامع وعجزهم عن التغيير وهذا يقتضى لزوم الهجرة وفي الآية دليل على ان الشروع في نفل العبادة ملزم وان من شرع فيما ليس عليه ثم تركه استحق اسم الفسق والوعيد فيجب على الناذر رعاية نذره لانه عهد مع الله لا يحل نكثه (وروى) عن بعض الصحابة رضى الله عنهم عليكم بإتمام هذه التراويح لانها لم تكن واجبة عليكم وقد اوجبتموها على أنفسكم فانكم ان تركتم صرتم فاسقين ثم قرأ هذه الآية وكثير منهم فاسقون يقول الفقير وهكذا شأن الصلاة المعروفة بالرغائب والبراءة والقدر فانها ملحقة بالتراويح لكونها من صلاة الليل وقد كانت سنة مسلوكة للعلماء بالله فلا تترك ابدا عند من اعتقد اعتقادهم قال في فتح الرحمن واختلف الائمة فما إذا انشأ صوما او صلاة تطوعا فقال ابو حنيفة لم يجز له الخروج منه فان أفسده فعليه القضاء لقوله تعالى ولا تبطلوا اعمال لكم وقال مالك رحمه الله كذلك الا انه اعتبر العذر فقال ان خرج منه لعذر فلا قضاء والا وجب وقال الشافعي واحمد رحمهما الله متى انشأ واحدا منهما استحب إتمامه فان خرج منه لم يجب عليه قضاء على الإطلاق واما إذا كان التطوع حجا او عمرة فيلزم إتمامه أفسده وجب قضاؤه لوجوب المضي في فاسده انتهى قال بعض الكبار جميع ما ابتدع من السنة الحسنة على طريق القربة الى الله تعالى داخل في الشريعة التي جاءت بها الرسل عن امر الله قال تعالى ورهبانية إلخ فأقرهم تعالى عليها ولم يعب عليهم فعلها انما عاب عليهم عدم رعايتهم لها في دوام العمل فقط وخلع عليها اسم البدعة في حقهم بخلاف هذه الامة خلع على ما استحسنوه اسم السنة تشريفا لهم كما قال عليه السلام من سن سنة حسنة وما قال من ابتدع بدعة حسنة فافهم فاجاز لنا ابتداع ما هو حسن وسماه سنة وجعل فيه اجرا لمن ابتدعه ولمن عمل به واخبر أن العابد لله تعالى بما يعطيه نظره إذا لم يكن على شرع من الله معين انه يحشر امة وحده بغير امام يتبعه كما قال تعالى في ابراهيم ان ابراهيم كان امة قانتا لله وذلك لنظره في الأدلة قبل أن يوحى اليه وقال عليه السلام بعثت لاتمم مكارم الأخلاق فمن كان عليها فهو على شرع من ربه وان لم يعلم وقال بعضهم جميع ما ابتدعه العلماء والعارفون مما لم تصرح الشريعة بالأمر به لا يكون بدعة الا ان خالف صريح السنة فان لم يخالفها فهو محمود وذلك كحلق الرأس ولبس المرقعات والرياضة بقلة الطعام والمنام والمواظبة على الذكر والجهر به على الهيئة المشهورة ونحو ذلك من جميع اوصافهم فانها كلها نواميس حكمية لم يجئ بها رسول الله عليه السلام في عموم الناس من عند الله لكونها طريقة أهل الخصوص السالكين طريق الحق وهذه الطريق لا تحتمل العامة الأمر بها ولا تجب هى عليهم فقد علمت ان طريق