والنذر وتعريف الموصول اما للعهد والمراد به ناس بأعيانهم كابى لهب وابى جهل والوليد ابن المغيرة وأحبار اليهود او للجنس منتاولا كل من صمم على كفره تصميما لا يرعوى بعده وغيرهم فخص منهم غير المصرين بما أسند اليه والكفر لغة الستر والتغطية وفي الشريعة انكار ما علم بالضرورة مجيئ الرسول صلى الله عليه وسلم به وانما عد لباس الغيار وشد الزنار بغير اضطرار ونظائرهما كفرا لدلالته على التكذيب فان من صدق النبي صلى الله عليه وسلم لا يكاد يجترئ على أمثال ذلك إذ لا داعى اليه كالزنى وشرب الخمر لا لانه كفر في نفسه والكافر فى القرآن على اربعة أوجه أحدها نقيض المؤمن قال الله تعالى الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ والثاني الجاحد قال تعالى وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعالَمِينَ اى جحد وجوب الحج والثالث نقيض الشاكر قال تعالى وَاشْكُرُوا لِي وَلا تَكْفُرُونِ
والرابع المتبرى قال تعالى يَوْمَ الْقِيامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ اى يتبرأ بعضكم من بعض كذا في التيسير وقال في البغوي الكفر على اربعة أوجه كفر الإنكار وهوان لا يعرف الله أصلا ولا يعترف به وكفر الجحود وهو ان يعرف الله بقلبه ولا يقر بلسانه ككفر إبليس قال الله تعالى فَلَمَّا جاءَهُمْ ما عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ وكفر العناد وهو ان يعرف بقلبه ولا يعترف بلسانه ولا يدين به ككفر ابى طالب حيث يقول
ولقد علمت بان دين محمد ... من خير أديان البرية دينا
لولا الملامة او حذار مسبة ... لوجدتنى سمحا بذاك مبينا
وكفر النفاق وهو ان يقر باللسان ولا يعتقد بالقلب وجميع هذه الأنواع سواء في ان من لقى الله بواحد منها لا يغفر له انتهى كلام البغوي لكن الكلام في ابى طالب سيجئ عند قوله تعالى وَلا تُسْئَلُ عَنْ أَصْحابِ الْجَحِيمِ سَواءٌ عَلَيْهِمْ اى عندهم وهو اسم بمعنى الاستواء نعت به كما ينعت بالمصادر مبالغة قال الله تعالى تَعالَوْا إِلى كَلِمَةٍ سَواءٍ بَيْنَنا وَبَيْنَكُمْ وارتفاعه على انه خبر لان وقوله تعالى أَنْذَرْتَهُمْ يا محمد أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ مرتفع على الفاعلية لان الهمزة وأم مجردتان عن معنى الاستفهام لتحقيق معنى الاستواء بين مدخوليهما كما جرد الأمر والنهى لذلك عن معنييهما في قوله عز وجل اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ وحرف النداء في قولك اللهم اغفر لنا أيتها العصابة وعن معنى الطلب لمجرد التخصيص كانه قيل ان الذين كفروا مستو عليهم إنذارك وعدمه كقولك ان زيدا مختصم اخوه وابن عمه واصل الانذار الاعلام بامر مخوف وكل منذر معلم وليس كل معلم منذرا كما في تفسير ابى الليث والمراد هاهنا التخويف من عذاب الله وعقابه على المعاصي وانما اقتصر عليه لما انهم ليسوا باهل للبشارة أصلا ولان الانذار أوقع في القلوب وأشد تأثيرا في النفوس فان دفع المضار أهم من جلب المنافع فحيث لم يتأثروا به فلأن لا يرفعوا للبشارة رأسا اولى وانما لم يقل سواء عليك كما قال لعبدة الأصنام سَواءٌ عَلَيْكُمْ أَدَعَوْتُمُوهُمْ أَمْ أَنْتُمْ صامِتُونَ لان إنذارك وترك إنذارك ليسا سواء في حقك لانك تثاب على الانذار وان لم يؤمنوا فاما في حقهم فهما سواء لانهم لا يؤمنون فى الحالين وهو نظير الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر فانه يثاب به الآمر وان لم يعمل به المأمور وكان هؤلاء القوم كقوم هود الذين قالوا لهود عليه السلام سَواءٌ عَلَيْنا أَوَعَظْتَ