بالاستثناء آكد في آخر الأمر فالمعنى لا اله غيره وهذا حال الاستثناء مطلقا قال الشيخ أبو القاسم هذا القول وان كان ابتداؤه النفي لكن المراد به الإثبات ونهاية التحقيق فان قول القائل لا أخ لى سواك ولا معين لى غيرك آكد من قوله أنت أخى ومعينى وكل من لا اله الا الله ولا اله الا هو كلمة توحيد لوروده في القرآن بخلاف لا اله الا الرحمن فانه ليس بتوحيد مع ان اطلاق الرحمن على غيره تعالى غير جائز واطلاق هو جائز نعم ان الاولى كونه توحيدا الا انه لم يشتهر به التوحيد أصالة بخلافهما اعلم ان هو من اسماء الذات عند اهل المعرفة لانه بانفراده عن انضمام لفظ آخر اشارة الى الله مستجمع لجميع
الصفات المدلول عليها بالأسماء الحسنى فهو من جملة الاذكار عند الأبرار قال الامام القشيري رحمه الله هو للاشارة وهو عند هذه الطائفة اخبار عن نهاية التحقيق فاذا قلت هو لا يسبق الى قلوبهم غيره تعالى فيكتفون به عن كل بيان يتلوه لاستهلاكهم في حقائق القرب واستيلاء ذكر الحق على أسرارهم وقال الامام الفاضل محمد بن أبو بكر الرازي رحمه الله في شرح الأسماء الحسنى اعلم ان هذا الاسم عند اهل الظاهر مبتدأ يحتاج الى خبر ليتم الكلام وعند اهل الطريق لا يحتاج بل هو مفيد وكلام تام بدون شيء آخر يتصل به او يضم له لاستهلاكهم في حقائق القرب واستيلاء ذكر الحق على أسرارهم وقال الشيخ العارف احمد الغزالي أخو الامام محمد الغزالي رحمه الله كاشف القلوب بقوله لا اله الا الله وكاشف الأرواح بقول الله وكاشف الاسرار بقول هو هو لا اله الا الله قوت القلوب والله قوت الأرواح وهو قوت الاسرار فلا اله الا الله مغناطيس القلوب والله مغناطيس الأرواح وهو مغناطيس الاسرار والقلب والروح والسر بمنزلة درة في صدفة في حقة فانظر انه رحمه الله في اى درجة وضع هو وعن بعض المشايخ رأيت بعض الوالهين فقلت له ما اسمك فقال هو قلت من أنت قال هو قلت من أين تجيئ قال هو قلت من تعنى بقولك هو قال هو فما سألته عن شيء الا قال هو فقلت لعلك تريد الله فصاح وخرجت روحه فكن من الذاكرين بهو ولا تلتفت الى المخالفين فانهم من اهل الا هواء ولكل من العقل والنفس والقلب والروح معنيان اما العقل فيطلق على قوة دراكة توجد في الإنسان بها يدرك مدركاته وعلى لطيفة ربانية هى حقيقة الإنسان المستخدمة للبدن في الأمور الدنيوية والاخروية وهى العالم والعارف والعاقل وهى الجاهل والقاصر والغافل الى غير ذلك وكذا النفس تطلق على صفة كائنة فى الإنسان جامعة للاخلاق المذمومة داعية الى الشهوات باعثة على الأهواء والآفات وتطلق على تلك اللطيفة المذكورة كما قال بعض الأفاضل
يا خادم الجسم كم تسعى لخدمته ... وتطلب الربح مما فيه خسران
عليك بالنفس فاستكمل فضائلها ... فأنت بالنفس لا بالجسم انسان
وكذا القلب يطلق على قطعة لحم صنو برية تكون في جوف الإنسان وعلى تلك اللطيفة وكذا الروح يطلق على جسم لطيف وعلى اللطيفة الربانية المذكورة فكل من الألفاظ الأربعة يطلق على نفس الإنسان الذي هو المتكلم والمخاطب والمثاب والمعاقب بالاصالة