للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السلام والسلامة التعري من الآفات الظاهرة والباطنة قيل وصف الله بالسلام من حيث لا تلحقه العيوب والآفات التي تلحق الخلق انتهى وعبد السلام هو الذي تجلى له اسم السلام فسلمه من كل نقص وآفة وعيب فكل عبد سلم من الغش والحقد والحسد وارادة الشر قلبه وسلّم من الآثام والمحظورات جوارحه وسلّم من الانتكاس والانعكاس صفاته فهو الذي يأتى الله بقلب سليم وهو السلام من العباد القريب في وصفه من السلام المطلق الحق الذي لا مثنوية في صفاته وأعنى بالانتكاس في صفاته أن يكون عقله أسير شهوته وعضبه إذ الحق عكسه وهو أن تكون الشهوة والغضب اسيرى العقل وطوعه فاذا انعكس فقد انتكس ولا سلامة حيث يصير الأمير مأمورا والملك عبدا ولن يوصف بالسلام والإسلام الا من سلم المسلمون من لسانه ويده وخاصية هذا الاسم صرف المصائب والآلام حتى انه إذا قرئ على مريض مائة واحدي عشرة مرة برئ بفضل الله ما لم يحضر اجله او يخفف عنه الْمُؤْمِنُ اى الموحد نفسه بقوله شهد الله انه لا اله الا هو قاله الزجاج او واهب الأمن وهو طمأنينة النفس وزوال الخوف قال ابن عباس رضى الله عنهما هو الذي آمن الناس من ظلمه وآمن من آمن من عذابه وهو من الايمان الذي هو ضد التخويف كما في قوله تعالى وآمنهم من خوف وعنه ايضا انه قال إذا كان يوم القيامة اخرج أهل التوحيد من النار وأول من يخرج من وافق اسمه اسم نبى حتى إذا لم يبق فيها من بوافق اسمه اسم نبى قال الله لباقه أنتم المسلمون وانا السلام وأنتم المؤمنون وانا المؤمن فيخرجهم من النار ببركة هذين الاسمين (قال الكاشفى) ايمن كننده مؤمنان از عقوبت نيران يا داعئ خلق بايمان وأمان يا مصدق رسل بإظهار معجزه وبرهان قال الامام الغزالي رحمه الله المؤمن المطلق هو الذي لا يتصور أمن وأمان الا ويكون مستفادا من جهته وهو الله تعالى وليس يخفى ان الأعمى يخاف أن يناله هلاك من حيث لا يرى فعينه البصيرة تفيد أمنا منه والأقطع يخاف آفة لا تندفع الا باليد واليد السليمة أمان منها

وهكذا جميع الحواس والأطراف ولمؤمن خالقها ومصورها ومقومها ولو قدرنا إنسانا وحده مطلوبا من جهة أعدائه وهو ملقى في مضيق لا تتحرك عليه أعضاؤه لضعفه وان تحركت فلا سلاح معه وان كان معه سلاح لم يقاوم أعداءه وحده وان كانت له جنود لم يأمن ان تنكسر جنوده ولا يجد حصنا يأوى اليه فجاء من عالج ضعفه فقواه وامده بجنود واسلحة وبنى حولة حصنا فقد أفاده أمنا وأمانا فبالحرى أن يسمى مؤمنا في حقه والعبد ضعيف في اصل فطرته وهو عرضة الأمراض والجوع والعطش من باطنه وعرضة الآفات المحرقة والمغرقة والجارحة والكاسرة من طاهره ولم يؤمنه من هذه المخاوف الا الذي أعد الادوية دافعة لامراضه والاطعمة مزيلة لجوعه والأشربة مميطة لعطشه والأعضاء دافعة عن بدنه والحواس جواسيس منذرة بما يقرب من مهلكاته ثم خوفه الأعظم من هلاك الآخرة ولا يحصنه منها الا كلمة التوحيد والله هاديه البها ومرغبه فيها حيث قال لا اله الا الله حصنى فمن دخله أمن من عذابى فلا أمن في العالم الا وهو مستفاد من اسباب هو منفرد بخلقها

<<  <  ج: ص:  >  >>