(حكى) ان الفاضل محمد الشهرستاني صاحب كتاب الملل والنحل كان من كبار المتكلمين وفحولهم وكان له بحث كثير في علم الكلام ربما لم يسبق اليه سواه حتى جمع في ذلك الكتاب تلك المباحث القطعية ثم انتهى امره الى العجز فيه والتحير في ذاته حتى رجع الى مذهب العجائز فقال عليكم بدين العجائز فانه من أسنى الجوائز وانشد
لقد طفت في تلك المعاهد كلها ... وسيرت طرفى بين تلك المعالم
فلم أر الا واضعا كف حائر ... على ذقن أو قارعا سن نادم
ثم قال والوجه أن يعتقد العبد الدين الذي جاء به محمد عليه السلام ودعا اليه واليه أناب ولا يدخل في ذلك شيأ من نظر عقله لا في تنزيه ولا في تشبيه بل يؤمن بكل آية جاءت فى ذات الله وصفاته على بابها ويكل علمها الى الله الذي وصف ذاته بها هذا هو طريق السلامة والدين الصحيح وعلى ذلك كانت الصحابة والسلف الصالحون رضى الله عنهم واليه ينتهى الراسخون في العلم والعقلاء المحققون عند آخر أمرهم ومن وفقه الله كان عليه وآل نظره اليه ومن بقي على ما أعطاه نظره واجتهاده فليس ذلك بمتبع محمدا عليه السلام فيما جاء به مطلقا لانه ادخل فيه حاصل نظره وتأويله واتكل على رأيه وعقله وهذه وصيتي إليكم ان أردتم السلامة وعدم المطالبة ومن أراد غير ذلك لم ينج من السؤال وكان على خطر في المآل لان القطع بما أراد الله عسير فانا رأينا العقلاء اختلفت أدلتهم في الله فالمعتزلى يخالف الأشعري وبالعكس وهم يخالفون الحكماء وبالعكس كل طائفة تجهل الأخرى وتكفرها فعلمنا ان سبب ذلك هو اختلاف نظرهم وعدم عثورهم على الدليل الصحيح اما كلهم او بعضهم ورأينا الأنبياء عليهم السلام لم يختلف منهم اثنان في الله قط عز وجل وكل دعوا اليه تعالى على باب واحد وكان اختلافهم في فروع الاحكام بحكم الله تعالى لا في أصولها قط قال الله تعالى سبحانه شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذي أوحينا إليك وما وصينا به ابراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه فقوله ولا تتفرقوا فيه دليل على اجتماعهم على امر واحد في الأصول لانه الفروع معلومة بوقوع الاختلاف فيها وذلك لا يضر وانما يضر الاختلاف في الأصول إذ لو وقع الاختلاف فيها لما وقع الاتفاق ولكانت الدعوة لا تصح لان الإله الذي يدعو أليه هذا غير الا له الذي يدعو ذلك اليه والله تعالى قال وإلهكم اله واحد وعم الطوائف كلها من آدم عليه السلام بالخطاب وهلم جرا الى يوم القيامة الى هنا من كلامه أورده حضرة الشيخ صدر الدين قدس سره في رسالته المعمولة وصية للطالبين وعظة للراغبين ثم اعلم ان من شرف هذه الأسماء المذكورة في الآخر ما قال ابو هريرة رضى الله عنه سألت حبيبى رسول الله عليه السلام عن اسم الله الأعظم فقال هو في آخر الحشر وفي عين المعاني قال عليه السلام سألت جبريل عن اسم الله الأعظم فقال عليك بآخر الحشر فاكثر قراءته فأعدت عليه فأعاد على وعنه عليه السلام من قال حين يصبح ثلاث مرات أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم وقرأ ثلاث آيات من آخر الحشر وكل الله به سبعين الف ملك يصلون عليه وفي بعض الروايات