وشهد بدرا وبيعة الرضوان وعمم الله الخطاب في الآية تعميما للنصح والعدو فعول من عدا كعفو من عفا ولكونه على زنة المصدر أوقع على الجمع إيقاعه على الواحد والمراد هنا كفار قريش وذلك انه لما تجهز رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لغزوة الفتح في السنة الثامنة من الهجرة كتب حاطب الى أهل مكة ان رسول الله يريدكم فخذوا خذركم فانه قد توجه إليكم في جيش كالليل وأرسل الكتاب مع سارة مولاة بنى عبد المطلب اى معتقتهم وأعطاها عشرة دنانير وبردة وكانت سارة قدمت من مكة وكانت مغنية فقال لها عليه السلام لماذا جئت فقالت جئت لتعطينى شيأ فقال ما فعلت بعطياتك من شبان قريش فقالت مذ قتلتهم ببدر لم يصل الى شيء الا القليل فأعطاها شيأ فرجعت الى مكة ومعها كتاب حاطب فنزل جبرائيل عليه السلام بالخبر فبعث رسول الله عليه السلام عليا وعمارا وطلحة والزبير والمقداد وأبا مرثد وقال انطلقوا حتى تأتوا روضة خاخ موضع بين الحرمين وخاخ بالمعجمتين يصرف ويمنع فان بها ظعينة وهى المرأة ما دامت في الهودج وإذا لم تكن فيه فهى المرأة معها كتاب حاطب الى اهل مكة فخذوه منها فخلوها فان أبت فاضربوا عنقها فادر كوهاثمة فجحدت فسل على رضى الله عنه سيفه فأخرجته من عقاصها اى من ضفائرها (روى) ان رسول الله عليه السلام أمن جميع الناس يوم فتح مكة الا اربعة هى أحدهم فأمر بقتلها فاستحضر رسول الله حاطبا فقال ما حملك على هذا فقال يا رسول الله ما كفرت منذ أسلمت ولا غششتك منذ نصحتك الغش ترك النصح والنصح عبارة عن التصديق بنبوته ورسالته والانقياد لأوامره ونواهيه ولكننى كنت امرأ ملصقا في قريش اى حليفا ولم أكن من أنفسهم ومن معك من المهاجرين كان له فيهم قرابات يحمون أهاليهم وأموالهم وليس فيهم من يحمى أهلي فأردت أن آخذ عندهم يدا اى اجعل عندهم نعمة ولم افعله كفرا وارتدادا عن دينى وقد علمت ان كتابى لا يغنى عنهم شيأ فصدقه رسول الله وقبل عذره فقال عمر رضى الله عنه يا رسول الله دعنى أضرب عنق هذا المنافق فقال يا عمر انه شهد بدرا وما يدريك لعل الله اطلع على من شهد بدرا فقال اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم ففاضت عينا عمر رضى الله عنه وفي القصة اشارة الى جواز هتك ستر الجواسيس وهتك أستار المفسدين إذا كان فيه مصلحة او في ستره مفسدة وان من تعاطى امرا محظورا ثم ادعى لم تأويلا محتملا قبل منه وان العذر مقبول عند كرام الناس (روى) ان حاطبا رضى الله عنه لما سمع يا أيها الذين آمنوا غشى عليه من الفرح بخطاب الايمان لما علم ان الكتاب المذكور ما أخرجه عن الايمان لسلامة عقيدته ودل قوله
وعدوكم على إخلاصه فان الكافر ليس بعد وللمنافق بل للمخلص تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ الود محبة الشيء وتمنى كونه ويستعمل فى كل واحد من المعنيين اى توصلون محبتكم بالمكاتبة ونحوها من الأسباب التي تدل على المودة على ان الباء زائدة في المفعول كما في قوله تعالى ولا تلقوا بأيديكم الى التهلكة او تلقون إليهم أخبار النبي عليه السلام بسبب المودة التي بينكم وبينهم فيكون المفعول