الحديث الآخر ان النهى انما يكون عما لا وجه فيه وأن يكون لاظهار جواز الطلاق والرجعة منه كما وجهوا بذلك ما وقع من غلبة النوم عليه وعلى أصحابه ليلة التعريس الى أن طلعت الشمس وارتفعت بمقدار فان بذلك علم شرعية القضاء وأن يصلى بالجماعة وأن يصدر منه عليه السلام الأحاديث المذكورة بعد ما وقع قضية حفصة وسودة رضى الله عنهما وأن يكون من قبيل ترك الاولى وقد جوزوا ذلك للانبياء عليهم السلام فان قلت لعل ما فعله اولى من وجه وان كان ما امر الله به اولى من وجه آخر قلت لا شك ان ما امر الله به كان أرجح وترك الأرجح ترك الاولى هذا ولعل ارجحية المراجعة فى وقت لا تقتضى ارجحية ترك الطلاق على فعله فى وقت آخر لان فى كل وقت احتمال ارجحية امر والله اعلم.
يقول الفقير امده الله القدير ان النبي عليه السلام كان قد حبب اليه النساء لما يحب فى النكاح من ذوق القربة والوصلة فالنكاح اشارة الى مقام الجمع الذي هو مقام الولاية كما دل عليه قوله عليه السلام أرحنى يا بلال والطلاق اشارة الى مقام الفرق الذي هو مقام النبوة كما دل قوله عليه السلام كلمينى يا حميراء فالاول وصل الفصل والثاني فصل الوصل وان كان عليه السلام قد جمع بين الفصل والوصل والفرق والجمع فى مقام واحد وهو جمع الجمع كما دل عليه قوله تعالى ألم نشرح لك صدرك وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ الإحصاء دانستن وشمردن بر سبيل استقصاء. اى واضبطوها بحفظ الوقت الذي وقع فيه الطلاق واكملوها ثلاثة أقراء كوامل لا نقصان فيهن اى ثلاث حيض كما عند الحنفية لان الغرض من العدة استبراء الرحم وكماله بالحيض الثلاث لا بالاطهار كما يغسل الشيء ثلاث مرات لكمال الطهارة والمخاطب بالإحصاء هم الأزواج لا الزوجات ولا المسلمون والا يلزم تفكيك الضمائر ولكن الزوجات داخلة فيه بالالحاق وقال ابو الليث امر الرجال بحفظ العدة لان فى النساء غفلة فربما لا تحفظ عدتها واليه مال الكاشفى حيث قال وشمار كنيد اى مردان عدت زنانرا كه ايشان از ضبط عاجزند يا از إحصاي آن غافل. فالزوج يحصى ليتمكن من تفريق الطلاق على الأقراء إذا أراد أن يطلق ثلاثا فان إرسال الثلاث فى طهر واحد مكروه عند أبى حنيفة وأصحابه وان كان لا بأس به عند الشافعي وأتباعه حيث قال لا اعراف فى عدد الطلاق سنة ولا بدعة وهو مباح وليعلم بقاء زمان الرجعة ليراجع ان حدثت له الرغبة فيها وليعلم زمان وجوب الانفاق عليه وانقضائه وليعلم انها هل تستحق عليه أن يسكنها فى البيت او له أن يخرجها وليتمكن من الحاق نسب ولدها به وقطعه عنه قالوا وعلى الرجال فى بعض المواضع العدة (منها انه إذا كان للرجل اربع نسوة فطلق إحداهن لا يحل له أن يتزوج بامرأة اخرى ما لم تنقض عدتها ومنها انه إذا كان له امرأة ولها اخت فطلق امرأته لا يحل له أن يتزوج بأختها ما دامت فى العدة) ومنها انه إذا اشترى جارية لا يحل له أن يقربها ما لم يستبرئها بحيضة (ومنها انه ان تزوج حربية لا يحل له أن يقربها ما لم يستبرئها بحيضة) ومنها انه إذا بلغ المرأة وفاة زوجها فاعتدت وتزوجت وولدت ثم جاء زوجها الاول فهى امرأته لانها كانت منكوحته ولم يعترض شىء من اسباب الفرقة فبقيت على النكاح السابق ولكن