مثلا لمانع لا ينافى الاقتضاء اى اقتضاء العلة لمعلولها واثرها اما عند القائلين بتخصيص العلة فظاهر واما عند غيرهم فيجعل عدم المانع جزء العلة ومن المانع الغفلة وغلبة بعض الجنايات وعند غلبة أحد الضدين لا يبقى للآخر تأثير. يقول الفقير والذي يقع فى قلبى ان اصحاب الطهارة الدائمة مرزوقون بأنواع الرزق المعنوي والغذاء الروحاني من العلوم والمعارف والحكم والحقائق والتضييق لبعضهم فى الرزق الصوري والغذاء الجسماني انما هو لتطبيق الفقر الظاهر بالباطن والفقر الباطن هو الغنى المطلق لقوله عليه السلام اللهم أغننى بالافتقار إليك فأصحاب الطهارة الدائمة مرزوقون ابدا اما ظاهرا وباطنا معا واما باطنا فقط على ان لاهلها مراتب من حيث البداية والنهاية ولن ترى من اهل النهاية محروما من الرزق مطلقا الا نادرا والله الغنى وفى التأويلات النجمية ومن يتق الله اى يجعل ذاته المطلقة جنة ذاته وصفاته وأفعاله تعالى جنة أفعاله باضافة الأشياء كلها خلقا وإيجادا الى ذاته وصفاته وأفعاله
يجعل له مخرجا من مضايق ذاته وصفاته وأفعاله الى وسائع ذاته وصفاته وأفعاله ويرزقه من حيث لا يحتسب من فيض اسمه الوهاب على طريق الوهب لا على طريق الكسب والاجتهاد وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ التوكل سكون القلب فى كل موجود ومفقود وقطع القلب عن كل علاقة والتعلق بالله فى جميع الأحوال فَهُوَ اى الله تعالى حَسْبُهُ بمعنى محسب اى كاف يعنى كافى المتوكل فى جميع أموره ومعطيه حتى يقول حسبى فان قلت إذا كان حكم الله فى الرزق لا يتغير فما معنى التوكل قلت معناه ان المتوكل يكون فارغ القلب ساكن الجاش غير كاره لحكم الله فلهذا كان التوكل محمودا قال عليه السلام لو أنكم تتوكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدو خماصا وتروح بطانا ومعناه تذهب أول النهار خماصا اى ضامرة البطون من الجوع وترجع آخر النهار بطانا اى ممتلئة البطون وليس فى الحديث دلالة على القعود على الكسب بل فيه ما يدل على طلب الرزق وهو قوله تغدو وتروح وانما التوكل بعد الحركة فى امر المعاش كتوكل الزارع بعد إلقاء الحب فى الأرض وكان السلف يقولون اتجروا واكتسبوا فانكم فى زمان إذا احتاج أحدكم كان أول ما يأكل دينه وربما رأوا رجلا فى جماعة جنازة فقالوا له اذهب الى دكانك (وفى المثنوى)
كر توكل ميكنى در كار كن ... كشت كن پس تكيه بر جبار كن
رمز الكاسب حبيب الله شنو ... از توكل در سبب كاهل مشو
واما الذين قعدوا عن الحركة والكسب وهم الكمل فطريقتهم صعبة لا يسلكها كل ضامر فى الدين ودل الحديث المذكور على ان التوكل الحقيقي ان لا يرجع المتوكل الى رزق معين وغذآء موظف كالطير حتى لا ينتقض التوكل اللهم الا ان يكون من الكمل فان المعين وغيره سوآء عندهم لتعلق قلوبهم بالله لا بغيره وفى التأويلات النجمية ومن يتوكل فى رزق نفسه من الاحكام الشرعية وفى رزق قلبه من الواردات القلبية وفى رزق روحه من العطايا والمنح الالهية الروحانية فالله الاسم الأعظم حسبه من حيث الأسماء الكافية او التوكل نفسه حسبه فيكون الضمير راجعا الى التوكل إِنَّ اللَّهَ بالِغُ أَمْرِهِ بالاضافة اى منفذ امره