فى الآية ما يدل على انه عليه السلام لم يطلق حفصة وان فى النساء خيرا منهن فان تعليق الطلاق للكل لا ينافى تطليق واحدة وما علق بما لم يقع لا يجب وقوعه يعنى ان هذه الخيرية لما علقت بما لم يقع لم تكن واقعة فى نفسها وكان الله عالما بأنه عليه السلام لا يطلقهن ولكن أخير عن قدرته على انه ان طلقهن أبدله خيرا منهن تخويفا لهن كقوله تعالى وان نتولوا يستبدل قوما غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم فانه اخبار عن القدرة وتخويف لهم لا ان فى الوجود من هو خير من اصحاب محمد عليه السلام قيل كل عسى فى القرآن واجب الا هذا وقيل هو ايضا واجب ولكن الله علقه بشرط وهو التطليق ولم يطلقهن فان المذهب انه ليس على وجه الأرض نساء خير من أمهات المؤمنين الا انه عليه السلام إذا طلقهن لعصبانهن له وأذا هن إياه كان غير هن من الموصوفات بهذه الصفات مع الطاعة لرسول الله خيرا منهن وفى
فتح الرحمن عسى تكون للوجوب فى ألفاظ القرآن الا فى موضعين أحدهما فى سورة محمد فهل عسيتم اى علمتم او تمنيتم والثاني هنا ليس بواجب لان الطلاق معلق بالشرط فلما لم يوجد الشرط لم يوجد الابدال مُسْلِماتٍ مُؤْمِناتٍ مقرات باللسان مخلصات بالجنان فليس من قبيل التكرار او منقادات انقيادا ظاهريا بالجوارح مصدقات بالقلوب قانِتاتٍ مطبعات اى مواظبات على الطاعة او مصليات تائِباتٍ من الذنوب عابِداتٍ متعيدات او متذللات لامر الرسول عليه السلام سائِحاتٍ صائمات سمى الصائم سائحا لانه يسيح فى النهار بلا زاد فلا يزال ممسكا الى أن يجد ما يطعمه فشبه به الصائم فى إمساكه الى أن يجيئ وقت إفطاره وقال بعضهم الصوم ضربان صوم حقيقى وهو ترك المطعم والمشرب والمنكح وصوم حكمى وهو حفظ الجوارح من المعاصي كالسمع والبصر واللسان والسائح هو الذي يصوم هذا الصوم دون الاول انتهى او مهاجرات من مكة الى المدينة إذ فى الهجرة مزيد شرف ليس فى غيرها كما قال ابن زيد ليس فى امة محمد سياحة الا الهجرة والسياحة فى اللغة الجولان فى الأرض ثَيِّباتٍ شوهر ديدكان وَأَبْكاراً ودختران بكر. والثيب الرجل الداخل بامرأة والمرأة المدخول بها يستوى فيه المذكر والمؤنث فيجمع المذكر على ثيبين والمؤنث على ثيبات من ثاب إذا رجع سميت به المرأة لانها راجعة الى زوجها ان اقام بها والى غيره ان فارقها او الى حالتها الاولى وهى انه لازوج لها فهى لا تخلو عن الثوب اى الرجوع وقس عليها الرجل وسميت العذراء بالبكر لانها على أول حالتها التي طلعت عليها قال الراغب سميت التي لم تفتض بكرا اعتبارا بالثيب لتقدمها عليها فيما يراد له النساء ففى البكر معنى الاولية والتقدم ولذا يقال البكرة لاول النهار والباكورة للفاكهة التي تدرك اولا وسط بينهما العاطف دون غيرهما لتنافيهما وعدم اجتماعهما فى ذات واحدة بخلاف سائر الصفات فكأنه قيل أزواجا خيرا منكن متصفات بهذه الصفات المذكورة المحودة كائنات بعضها ثيبات تعريضا لغير عائشة وبعضها أبكارا تعريضا لها فانه عليه السلام تزوجها وحدها بكرا وهو الوجه فى إيراد الواو الواصلة دون او الفاصلة لانها توهم ان الكل ثيبات او كلها أبكار قال السهيلي