وانما لم يذكر الجن ايضا لان المقصود فى الآية تحذير الانس ولان كفار الجن تابعة لكفار الانس لان التكذيب انما صدر اولا من الانس وَالْحِجارَةُ اى تتقدبها ايضا اتقاد غيرها بالحطب ففيه بيان لغاية إحراقها وشدة قوتها فان اتقاد النار بالحجارة مكان الحطب من الشجر يكون من زيادة حرها ولذلك قال عليه السلام ناركم جزء من سبعين جزأ من نار جهنم وعن ابن عباس رضى الله عنهما هى حجارة الكبريت وهى أشد الأشياء حرا إذا أوقد عليها ولها سرعة الاتقاد ونتن الرائحة وكثرة الدخان وشدة الالتصاق بالأبدان فيكون العذاب بها أشد وقيل وقودها الناس إذا صاروا إليها ولحجارة قبل أن يصيروا إليها (قال الكاشفى) تا بتان سنكين كه كفار مى پرستند. دليله قوله تعالى انكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم وقرن الناس بالحجارة لانهم نحتوها واتخذوها أربابا من دون الله يا كنجهاى زر وسيم كه منشأ آن سنكست
ز دو سيمند سنك زرد وسفيد ... اندرين سنكها مينداميد
دلى از سنك سختتر بايد ... كه ز سنكيش راحت افزايد
دل ازين سنك اگر تو بر نكنى ... سر ز حسرت بسى بسنك زنى
وقيل أراد بالحجارة الذين هم فى صلابتهم عن قبول الحق كالحجارة كمن وصفهم بقوله فهى كالحجارة او أشد قسوة كما قال فى التأويلات النجمية يا أيها الذين آمنوا بالايمان العلمي قوا أنفسكم وأهليكم من القوى الروحانية نار حجاب البعد والطرد التي يوقدها حطب وجود الناسين ميثاق ألست بربكم قالوا بلى وحجارة قلوبهم القاسية وهم الصفات البشرية الطبيعية الحيوانية البهميية السبعية الشيطانية انتهى وامر الله المؤمنين باتقاء هذه النار المعدة للكافرين كما نص عليه فى سورة البقرة حيث قال فان لم تفعلوا ولن تفعلوا فاتقوا النار التي وقودها الناس والحجارة أعدت للكافرين للمبالغة فى التحذير ولان الفساق وان كانت دركاتهم فوق دركات الكفار فانهم تبع للكفار فى دار واحدة فقيل للذين آمنوا قوا أنفسكم باجتناب الفسوق مجاورة الذين أعدت لهم هذه النار أصالة ويبعد أن يأمرهم بالتوقي عن الارتداد كما فى التفسير الكبير عَلَيْها اى على تلك النار العظيمة مَلائِكَةٌ تلى أمرها وتعذيب أهلها وهم الزبانية التسعة عشر وأعوانهم فليس المراد بعلى الاستعلاء الحسنى بل الولاية والقيام والاستيلاء والغلبة على ما فيها من الأمور قال القاشاني هى القوى السماوية والملكوتية الفعالة فى الأمور الارضية التي هى روحانيات الكواكب السبعة والبروج الاثني عشر المشار إليها بالزبانية التسعة عشر وغيرها من المالك الذي هو الطبيعة الجسمانية الموكلة بالعالم السفلى وجمع القوى والملكوت المؤثرة فى الأجسام التي لو تجردت هذه النفوس الانسانية عنها ترقت من مراتبها والصلت بعالم الجبروت وصارت مؤثرة فى هذه القوى الملكوتية ولكنها لما انغمست فى الأمور البدنية وقرنت أنفسها بالاجرام الهيولانية المعبر عنها بالحجارة صارت متأثرة منها محبوسة فى أسرها معذبة بأيديها غِلاظٌ غلاظ القلوب بالفارسية سطبر جكران.
جمع غليظ بمعنى خشن خال قلبه عن الشفقة والرحمة شِدادٌ شداد القوى جمع شديد