تتمايل وتنقل بأهلها ولو كانت مضطربة متمايلة لما كانت منقادة لنا فكانت على صورة الإنسان الكامل فى سكوتها وسكونها وكانت هى وحقائقها فى مقابلة القلم الأعلى والملائكة المهيمة والحاصل ان الله تعالى جعل الأرض بحيث ينتفع بها وقسمها الى سهول وجبال وبراري وبحار وانهار وعيون وملح وعذب وزرع وشجر وتراب وحجر ورمال ومدر وذات سباع وحيات وفارغة وغير ذلك بحكمته وقدرته قال سهل قدس سره خلق الله الأنفس ذلولا فمن أذلها بمخالفتها فقد نجاها من الفتن والبلاء والمحن ومن لم يذلها واتبعها أذلته نفسه وأهلكته يقال دابة ذلول بينة الذل او هو بالكسر اللين والانقياد وهو ضد الصعوبة فالذلول من كل شىء المنقاد الذي يذل لك وبالضم الهوان ضد العز قال الراغب الذل ما كان عن قهر يقال ذل يذر ذلا والذل ما كان بعد
تصعب وشماس من غير قهر يقال ذل يذل ذلا وجعلهما البيهقي فى تاج المصادر من الباب الثاني حيث قال فى ذلك الكتاب والباب الذل خورشدن والذل رام شدن. وكذا فى مختار الصحاح وجعل صاحب القاموس الذل ضد الصعوبة بالضم والكسر والذل بمعنى الهوان بالضم فقط والذلول فعول بمعنى الفاعل ولذا عرى عن علامة التأنيث مع ان الأرض مؤنث سماعى فَامْشُوا فِي مَناكِبِها الفاء لترتيب الأمر على الجعل المذكور وهو أمر اباحة عند بعض اى فاسلكوا فى جوانبها وخبر فى صورة الأمر عند آخرين اى تمشون فى أطرافها من حيث اى منكبى الرجل جانباه فشبه الجوانب بالمناكب وإذا مشوا وساروا فى جوانبها وأطرافها فقد احاطوا بها وحصل لهم الانتفاع بجميع ما فيها قال الراغب المنكب مجتمع ما بين العضد والكتف ومنه استعير للارض فى قوله فامشوا فى مناكبها كاستعارة الظهر لها فى قوله ما ترك على ظهرها انتهى او فى جبالها وشبهت بالمناكب من حيث الارتفاع وكان لبشر بن كعب سرية فقال لها ان أخبرتني ما مناكب الأرض فأنت حرة فقالت مناكبها جبالها فصارت حرة فأراد أن يتزوجها فسال أبا الدرداء رضى الله عنه فقال دع ما يريبك الى ما لا يريبك وهو مثل لفظ التذليل ومجاوزته الغاية اى تذليل البعير لا مطلقا كما فى حواشى سعدى المفتى فان منكب البعير ارق أعضائه وانباها عن أن يطاها الراكب بقدمه فاذا جعل الأرض فى الذل بحيث يتأتى المشي فى مناكبها لم يبق منها شىء لم يتذلل فخرج الجواب عن وجه تخصيص المشي فى الجبال على تقدير أن يراد بالمناكب الجبال لكن من الجبال ما يتعذر سلوكها كجبل السد بيننا وبين يأجوج ومأجوج ورد فى الحديث انه تزالق عليه الا رجل ولا تثبت ومنها ما يشق سلوكها وانما لم تعتبر لندرتها وقلتها وفى التأويلات النجمية هو الذي جعل لكم ارض البشرية ذلولا منقادة فخذوا من ارضها بقدر الحاجة من أعاليها وأسافلها من اللذات الجسمانية المباحة لكم بحكم الشرع لتقوية أبدانكم وتهيئة اسباب طاعاتكم وعباداتكم لئلا تضعف بالكلية وتكل عن العبادة وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ والتمسوا من نعم الله تعالى فيها من الحبوب والفواكه ونحوها والأمر ان كان امر اباحة فالرزق ما يكون حلالا وان كان خبرا فى صورة الأمر بمعنى تأكلون فيجوز أن