للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الله بناء على انه لو كان من عنده لما جاء ناقصا وافراد قولهم هذا بالتعليل مع كونه من باب فتنتهم للاشعار باستقلاله فى الشناعة كَذلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشاءُ ذلك اشارة الى ما قبله من معنى الضلال اى يضل الله من يشاء إضلاله كأبى جهل وأصحابه المنكرين لخزنة جهنم وعددهم اضلالا كائنا مثل ما ذكر من الإضلال لا اضلالا أدنى منه لصرف اختياره الى جانب الضلال عند مشاهدته لآيات الله الناطقة بالحق وأصله ان الله لا يضل الا بحسب الضلالة الازلية لان الضلال وصرف الاختيار الى جانبه كل منهما من مقتضى عينه الثابثة وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ هدايته كاصحاب محمد عليه السلام هدايته كائنة مثل ما ذكر من الهداية لا هداية أدنى منها لصرف اختياره عند مشاهدة تلك الآيات الى جانب الهدى وحقيقته ان الله لا يهدى الا بموجب الهداية الازلية إذ الاهتداء وصرف الاختيار الى جانبه كل منهما من أحواله الازلية فلا يجوز خلافه فى عالم العين فى الابد وَما يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ اى جموع خلقه التي من جملتها الملائكة المذكورون والجنود جمع جند بالضم وهو العسكر وكل مجتمع وكل صنف من الخلق على حدة وفى الحديث ان الله جنودا منها العسل إِلَّا هُوَ لفرط كثرتها وفى حديث موسى عليه السلام انه سأل ربه عن عدد اهل السماء فقال تعالى اثنا عشر سبطا عدد كل سبط عدد التراب وفى الاسرار المحدية ليس فى العالم موضع بيت ولا زاوية الا وهو معمور بما لا يعلمه الا الله والدليل على ذلك أمر النبي عليه السلام بالتستر فى الخلوة وان لا يجامع الرجل امرأته عريانين وفيه اشارة الى ان الله فى اختيار عدد الزبانية حكمة والا فجنوده خارجة عن دائرة العد والضبط قال القاشاني وما يعلم عدد الجنود وكميتها وكيفيتها وحقيقتها الا هو لاحاطة علمه بالماهيات وأحوالها وفى التأويلات النجمية الا هويتة الجامعة لجميع جنود التعينات الغير المتناهية بحسب الأسماء الجزئية والجزئيات الأسماء قال بعض العارفين خلقت الملائكة على مراتب فأرواح ليس لهم عقل الا تعظيم جناب الله وليس لهم وجه مصروف الى العالم ولا الى نفوسهم قد هيمهم جلال الله واختطفهم عنهم فهم

فيه حيارى سكارى وأرواح مدبرة أجساما طبيعية ارضية وهى أرواح الأناسي وأرواح الحيوانات من جسم عنصرى طبيعى وهذه الأرواح المدبرة لهذه الأجسام مقصورة عليها مسخر بعضها لبعض كما قال تعالى ليتخذ بعضهم بعضا سخريا وأرواح اخر مسخرات لمصالحنا وهم على طبقات كثيرة فمنهم الموكل بالوحى ومنهم الموكل بالإلقاء ومنهم الموكل بالارزاق ومنهم الموكل بقبض الأرواح ومنهم الموكل بإحياء الموتى ومنهم الموكل بالاستغفار للمؤمنين والدعاء لهم ومنهم الموكل بالغراسات فى الجنة جزاء لاعمال العباد ومنهم غير ذلك واما مراتبهم وتفاوتهم ففيهم الأكبر والكبير فجبريل اكبر من عزرآئيل وميكائيل اكبر من جبريل واسرافيل اكبر من ميكائيل وقال بعضهم هذه الجنود ليست معدة للمحاربة بل هى لترتيب المملكة الظاهرة للعالم الأعلى والأسفل لانه إذا كان ما فى السموات وما فى الأرض جنوده فلمن يقاتلون فما بقي الا ان المراد بهم جنود التسخير إذ العالم كله مسخر بعضه لبعض وجمع الملائكة

<<  <  ج: ص:  >  >>