للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القوة الباصرة وعلى العضوين وهو المراد هاهنا لانه أشد مناسبة للتغطية غِشاوَةٌ اى غطاء ولا تغشية على الحقيقة وانما المراد بها احداث حالة تجعل أبصارهم بسبب كفرهم لا تجتلى الآيات المنصوبة في الأنفس والآفاق كما تجتليها أعين المستبصرين وتصير كأنها غطى عليها وحيل بينها وبين الابصار ومعنى التنكير ان على أبصارهم ضربا من الغشاوة خارجا مما يتعارفه الناس وهي غشاوة التعامي عن الآيات قوله غشاوة مبتدأ مؤخر خبره المقدم قوله وعلى أبصارهم ولما اشترك السمع والقلب في الإدراك من جميع الجوانب جعل ما يمنعهما من خاص فعلهما الختم الذي يمنع من جميع الجهات وادراك الابصار مما اختص بجهة المقابلة جعل المانع لها عن فعلها الغشاوة المختصة بتلك الجهة قال في التيسير انما ذكر في الآية القلوب والسمع والابصار لان الخطاب كان باستعمال هذه الثلاثة في الحق كما قال تعالى أَفَلا تَعْقِلُونَ أَفَلا تُبْصِرُونَ أَفَلا تَسْمَعُونَ وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ اى عقوبة شديدة القوة ومنه العظم والعذاب كالنكال بناء ومعنى يقال أعذب عن الشيء إذا امسك عنه وسمى العذاب عذابا لانه يمنع عن الجناية إذا تأمل فيها العاقل ومنه الماء العذب لما انه يقمع العطش ويردعه بخلاف الملح فانه يزيده ويدل عليه تسميتهم إياه نقاخا لانه ينقخ العطش اى يكسره وفراتا لانه يرفته على القلب يعنى الفرات وهو الماء العذب مأخوذ من الرفث وهو قلبه وقيل انما سمى به لانه جزاء ما استعذبه المرء بطبعه اى استطابه ولذلك قال فذوقوا عذابى وانما يذاق الطيب على معنى انه جزاء ما استطابه واستحلاه بهواه في الدنيا والعظيم نقيض الحقير والكبير نقيض الصغير فكان العظيم فوق الكبير كما ان الحقير دون الصغير قال في التيسير عظيم اى كبير او كثير او دائم وهو التعذيب بالنار ابدا ثم عظمه باهواله وبشدة أحواله وكثيرة سلاسله واغلاله فتكون هذه الآية وعيدا وبيانا لما يستحقونه في الآخرة وقيل هو القتل والاسر في الدنيا والتحريق بالنار في العقبى ومعنى التوصيف بالعظيم انه إذا قيس سائر ما يجانسه قصر عنه جميعه ومعنى التنكير ان لهم من الآلام نوعا عظيما لا يعلم كنهه الا الله عز وجل فعلى العاقل ان يجتنب عما يؤدى الى العذاب

الأليم والعقاب العظيم وهو الإصرار على الذنوب والإكباب على اقتراف الخطيئات والعيوب قيل في سبب الحفظ من هذه العقوبة التي هي الختم على الكيس فلا يمنعه عن حق ووضع الختم على اللسان فلا يطلقه في باطل قال السعدي

بگمراه گفتن نكو ميروى ... گناه بزرگست وجور قوى

مگو شهد شيرين شكر فايقست ... كسى را كه سقمونيا لايقست

قال النبي صلى الله عليه وسلم (ان هذه القلوب تصدأ كما يصدأ الحديد) قيل وما جلاؤها قال (تلاوة القرآن وكثرة ذكر الله وكثرة ذكر الموت) وأمهات الخطايا ثلاث الحرص والحسد والكبر فحصل من هؤلاء ست فصارت تسعا الشبع والنوم والراحة وحب المال وحب الجاه وحب الرياسة فحب المال والرياسة من أعظم ما يجر صاحبه الى الكفر والهلاك- حكى- ان ملكا شابا قال انى لا أجد في الملك لذة فلا أدرى أكذلك يجدة الناس أم انا أجده

<<  <  ج: ص:  >  >>