سنين فى آدم كان أياما فى أولاده وحمل بعضهم الإنسان الاول على آدم والثاني على أولاده على أن يكون الحين هو الزمن الطويل الممتد الذي لا يعرف مقداره والاول وهو حمله فى كلا الموضعين على الجنس اظهر لان المقصود تذكير الإنسان كيفية الخلق بعد أن لم يكن ليتذكر أول امره من عدم كونه شيأ مذكورا او آخر أمره من كونه شيأ مذكورا مخلوقا من ماء حقير فلا يستبعد البعث كما سبق أَمْشاجٍ اخلاط بالفارسية آميختها. جمع مشج كسبب او كتف على لغتيه او مشيج من مشجت الشيء إذا خلطته وصف النطفة بالجمع مع افرادها لما ان المراد بها مجموع الماءين يختلطان فى الرحم ولكل منهما أوصاف مختلفة من اللون والرقة والغلظ وخواص متباينة فان ماء الرجل ابيض غليظ فيه قوة العقد وماء المرأة اصفر
رقيق فيه قوة الانعقاد فيخلق منهما الولد فأيهما علا صاحبه كان الشبه له وما كان من عصب وعظم وقوة فمن ماء الرجل وما كان من لحم ودم وشعر فمن ماء المرأة على ما روى فى المرفوع وفى الخبر ما من مولود الا وقد ذر على نطفته من تربة حفرته كل واحد منهما مشيج بالآخر وقال الحسن رحمه الله نطفة مشيجة بدم وهو دم الحيض فاذا حبلت ارتفع الحيض واليه ذهب صاحب القاموس حيث قال ونطفة أمشاج مختلطة بماء المرأة ودمها انتهى فيكون النطفتان ودمها جمعا وقال الراغب هو عبارة عما جعل الله بالنطفة من القوى المختلفة المشار إليها بقوله ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين ثم جعلناه نطفة فى قرار مكين ثم خلقنا النطفة علقة الآية انتهى فيكون معنى أمشاج ألوان وأطوار على ما قال قتادة وفى التأويلات النجمية اى من نطفة قوة القابلية الممتشجة المختلطة بنطفة قوة الفاعلية اى خلقناه من نطفة الفيض الأقدس المتعلق بالفاعل ونطفة الفيض المقدس المتعلق بالقابل فالفيض الأقدس الذاتي بمنزلة ماء الرجل والفيض المقدس الاسمائى بمنزلة ماء المرأة نَبْتَلِيهِ حال مقدرة من فاعل خلقنا اى مريدين ابتلاءه واختباره بالتكليف فيما سيأتى ليتعلق علمنا بأحواله تفصيلا فى العين بعد تعلقه بها اجمالا فى العلم وليظهر احوال بعضهم لبعض من القبول والرد والسعادة والشقاوة فَجَعَلْناهُ سَمِيعاً بَصِيراً ليتمكن من استماع الآيات التنزيلية ومشاهدة الآيات التكوينية فهو كالمسبب عن الابتلاء اى عن إرادته فلذلك عطف على الخلق المقيد به بالفاء كأنه قيل انا خلقناه مريدين تكليفه فأعطيناه ما يصح معه التكليف والابتلاء وهو السمع والبصر وسائر آلات التفهيم والتمييز وطوى ذكر العقل لان المراد ذكر ما هو من أسبابه والآلة التي بها يستكمل فطريقه الاول لاكثر الخلق من السعداء السمع ثم البصر ثم تفهم العقل وفى اختيار صيغة المبالغة اشارة الى كمال إحسانه اليه وتمام انعامه وبصيرا مفعول ثان بعد ثان لجعلناه وفى التأويلات النجمية فجعلناه سميعا جميع المسموعات بصيرا جميع المبصرات كما قال كنت سمعه وبصره فبى يسمع وبي يبصر فلا يفوته شىء من المسموعات ولا من المبصرات فافهم جدا يا مسكين وقال أبو عثمان المغربي قدس سره ابتلى الله الخلق بتسعة أمشاج ثلاث فتانات هى سمعه وبصره ولسانه وثلاث كافرات هى نفسه وهواه وعدوه الشيطان وثلاث مؤمنات هى عقله وروحه وقلبه فاذا أيد الله العبد بالمعونة قهر العقل على