وما تأخر ومن صام رمضان ايمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر كما فى كشف الاسرار قال الخطابي قوله ايمانا واحتسابا اى بنية وعزيمة وهو أن يصومه على التصديق والرغبة فى ثوابه طبية به نفسه غير كاره له ولا مستثقل لصيامه ولا مستطيل لأيامه لكن يغتنم طول أيامه لعظم الثواب وقال البغوي قوله احتسابا اى طلبا لوجه الله وثوابه يقال فلان يحتسب الاخبار اى يطلبها كذا فى الترغيب والترهيب والمراد بالقيام صلاة التراويح وقال بعضهم المراد مطلق الصلاة الحاصل بها قيام الليل قوله غفر له ما تقدم من ذنبه قيل المراد الصغائر وزاد بعضهم ويخفف من الكبائر إذا لم يصادف صغيرة وقوله وما تأخر هو كناية عن حفظهم من الكبائر بعد ذلك او معناه أن ذنوبهم تقع مغفورة كذا فى شرح الترغيب المسمى بفتح القريب وقال سعيد بن
المسيب من شهد المغرب والعشاء فى جماعة فقد أخذ حظه من ليلة القدر كما فى الكواشي ثم أن نهار ليلة القدر مثل ليلة القدر فى الخير وفيه اشارة الى أن ليلة القدر للعارفين خير من ألف شهر للعابدين لأن خزآئنه تعالى مملوءة من العبادات ولا قدر إلا للفناء واهله وللشهود وأصحابه واختلفوا فى وقتها فاكثرهم على أنها فى شهر رمضان فى العشر الأواخر فى اوتارها لقوله عليه السلام التمسوها فى العشر الأواخر من رمضان فاطلبوها فى كل وتر وانما جعلت فى العشر الأخير الذي هو مظنة ضعف الصائم وفتوره فى العبادة ليتجدد جده فى العبادة رجاء إدراكها وجعلت فى الوتر لأن الله وتريحب الوتر ويتجلى فى الوتر على ما هو مقتضى الذات الاحدية واكثر الأقوال انها السابعة لامارات واخبار تدل على ذلك أحدها حديث ابن عباس رضى الله عنهما ان السورة ثلاثون كلمة وقوله هى السابعة والعشرون منها ومنها ما قال ابن عباس ايضا ليلة القدر تسعة أحرف وهو مذكور فى هذه السورة ثلاث مرات فتكون السابعة والعشرين ومنها انه كان لعثمان بن ابى العاص غلام فقال يا مولاى ان البحر يعذب ماؤه ليلة من الشهر قال إذا كانت تلك الليلة فاعلمنى فاذا هى السابعة والعشرون من رمضان ومن قال انها هى الليلة الاخيرة من رمضان استدل بقوله عليه السلام ان الله تعالى فى كل ليلة من شهر رمضان عند الإفطار يعتق ألف ألف عتيق من النار كلهم استوجبوا العذاب فاذا كان آخر ليلة من شهر رمضان أعتق الله فى تلك الليلة بعدد من أعتق من أول الشهر الى آخره ولأن الليلة الاولى كمن ولد له ذكر فهى ليلة شكر والليلة الاخيرة ليلة الفراق كمن مات له ولد فهى ليلة صبر وفرق بين الشكر والصبر فان الشاكر مع المزيد كقوله تعالى لئن شكرتم لازيدنكم والصابر مع الله لقوله تعالى ان الله مع الصابرين وعن عائشة رضى الله عنها أنها قالت سألت النبي عليه السلام لو وافقتها ماذا أقول قال قولى اللهم انك عفو تحب العفو فاعف عنى وعنها ايضا لو أدركتها ما سألت الله الا العافية وفيه اشارة الى ما قال عليه السلام اللهم انى اسألك العفو والعافية والمعافاة فى الدين والدنيا والآخرة ولعل السر فى اخفائها تحريض من يريدها للثواب الكثير بإحياء الليالى الكثيرة رجاء لموافقتها