تضيق فيها بالملائكة فالقدر بمعنى الضيق كما فى قوله تعالى ومن قدر عليه رزقه وتخصيص الالف بالذكر اما للتكثير لأن العرب تذكر الالف فى غاية الأشياء كلها ولا تريد حقيقتها او لما روى أنه عليه السلام ذكر رجلا من بنى إسرائيل اسمه شمسون لبس السلاح فى سبيل الله ألف شهر فتعجب المؤمنون منه وتقاصرت إليهم أعمالهم فاعطوا ليلة هى خير من مدة ذلك الغازي وقيل ان الرجل فيما مضى كان لا يقال له عابد حتى يعبد الله ألف شهر فاعطوا ليلة ان أحيوها كانوا أحق بان يسموا عابدين من أولئك العباد وقيل رأى النبي عليه السلام أعمار الأمم كافة فاستقصر أعمار أمته فخاف ان لا يبلغوا من العمل مثل ما بلغ غيرهم فى طول العمر فاعطاه الله ليلة القدر وجعلنا خيرا من ألف شهر لسائر الأمم وقيل كان ملك سليمان عليه السلام خمسمائة شهر وملك ذى القرنين خمسمائة شهر فجعل الله العمل فى هذه الليلة لمن أدركها خيرا من ملكهما وروى عن الحسن بن على بن ابى طالب انه قال حين عوتب فى تسليمه الأمر لمعاوية ان الله ارى نبيه عليه السلام فى المنام بنى امية ينزون. على منبره نزو القردة اى يثبون فاغتم لذلك فاعطاه الله ليلة القدر وهى خير له ولذريته ولأهل بيته من ألف شهر وهى مدة ملك بنى امية واعلمه انهم يملكون امر الناس هذا القدر من الزمان ثم كشف الغيب ان كان من سنة الجماعة الى قتل مروان الجعدي آخر ملوكهم هذا القدر من الزمان بعينه كما فى فتح الرحمن ودل كلام الله تعالى على ثبوت ليلة القدر فمن قال ان فضلها كان لنزول القرآن يقول انقطعت فكانت مرة والجمهور على انها باقية آتية فى كل سنة فضلا من الله ورحمة على عباده غير مختصة برمضان عند البعض وهو قول الامام ابى حنيفة رحمه الله وحضرة الشيخ الأكبر قدس سره الأطهر حتى لو علق أحد طلاق امرأته او عتق عبده بليلة القدر فانه لا يحكم به الا بأن يتم الحول وعند الأكثرين مختصة به وكان عليه السلام إذا دخل العشر شد مئزره واحيى ليله وايقظ اهله وكان الصالحون يصلون فى ليلة من العشر ركعتين بنية قيام ليلة القدر وعن بعض الأكابر من قرأ كل ليلة عشر آيات على تلك النية لم يحرم بركتها وثوابها قال الامام أبو الليث رحمه الله اقل صلاة ليلة القدر ركعتان وأكثرها ألف ركعة وأوسطها مائة ركعة واوسط القراءة فى كل ركعة أن يقرأ بعد الفاتحة انا أنزلناه مرة وقل هو الله أحد ثلاث مرات ويسلم على كل ركعتين ويصلى على النبي عليه السلام بعد التسليم ويقوم حتى يتم ما أراد من مائة او اقل او اكثر ويكفى فى فضل صلاتها ما بين الله من جلالة قدرها وما اخبر به الرسول عليه السلام من فضيلة قيامها وصلاة التطوع بالجماعة جائزة من غير كراهة لوصلوا بغير تداع وهو الاذان والاقامة كما فى الفرائض صرح بذلك كثير من العلماء قال شرح النقاية وغيره وفى المحيط لا يكره الاقتداء بالإمام فى النوافل مطلقا نحو القدر والرغائب وليلة النصف من شعبان ونحو ذلك لأن ما رأه المؤمنون حسنا فهو عند الله حسن فلا تلتفت
الى قول من لا مذاق لهم من الطاعنين فانهم بمنزلة العنين لا يعرفون ذوق المناجاة وحلاوة الطاعات وفضيلة الأوقات