وأوصافه التامة عند التجريد بالحمد الفعلى وَاسْتَغْفِرْهُ هضما لنفسك واستقصارا لعملك واستعظاما لحقوق الله واستدراكا لما فرط منك من ترك الاولى او استغفره لذنبك وللمؤمنين وهو المناسب لما فى سورة محمد وتقديم التسبيح ثم الحمد على الاستغفار على طريقة النزول من الخالق الى الخلق حيث لم تشتغل على رؤية الناس باستغفارهم اولا مع ان رؤيتهم تستدعى ذلك بل اشتغل اولا بتسبيح الله وحمده لانه رأى الله قبل رؤية الناس كما قيل ما رأيت شيأ الا ورأيت الله قبله وذلك لان الناس مرءاة العارف وصاحب المرآة يتوجه اولا الى المرئي وبرؤية المرئي تلتفت نفسه الى المرآة ولك ان تقول ان فى التقديم المذكور تعليم ادب الدعاء وهو ان لا يسأل فجأة من غير تقديم الثناء على المسئول عنه عن عائشة رضى الله عنها انه كان عليه السلام يكثر قبل موته ان يقول سبحانك اللهم وبحمدك استغفرك وأتوب إليك وعنه عليك السلام انى لاستغفر الله فى اليوم والليلة مائة مرة ومنه يعلم ان ورد الاستغفار لا
يسقط ابدا لانه لا يخلو الإنسان عن الغين والتلوين وروى انه لما قرأها النبي عليه السلام على أصحابه استبشروا وبكى العباس فقال عليه السلام ما يبكيك يا عم قال نعيت إليك نفسك اى ألقى إليك خبر موت نفسك والنعي ألقاء خبر الموت قال عليه السلام انها لكما تقول فلم ير عليه السلام بعد ذلك ضاحكا مستبشرا وقيل ان ابن عباس رضى الله عنهما هو الذي قال ذلك فقال عليه السلام لقد اوتى هذا الغلام علما كثيرا ولذلك كان عمر يدنيه ويأذن له مع اهل يدر ولعل ذلك للدلالة على تمام امر الدعوة وتكامل امر الدين كقوله تعالى اليوم أكملت لكم دينكم والكمال دليل الزوال كما قيل. توقع زوالا إذا قيل تم. او لان الأمر بالاستغفار تنبيه على قرب الاجل كأنه قال قرب الوقت ودنا الرحيل فتأهب للامر ونبه به على ان العاقل إذا قرب اجله ينبغى ان يستكثر من التوبة وروى انها لما نزلت خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ان عبدا خيره الله بين الدنيا وبين لقائه فاختار لقاء الله فعلم ابو بكر رضى الله عنه فقال فديناك بانفسنا وأموالنا وآبائنا وأولادنا وعنه عليه السلام انه دعا فاطمة رضى الله عنها فقال يا بنتاه انه نعيت الى نفسى يعنى خبر وفات من دهند
نامه رسيد از ان جهان بهر مراجعت برم ... عزم رجوع ميكنم رخت بچرخ ميبرم
فبكت فقال لا تبكى فانك أول أهلي لحوقا بي فضحكت وعن ابن مسعود ان هذه السورة تسمى سورة التوديع لما فيها من الدلالة على توديع الدنيا قال على رضى الله عنه لما نزلت هذه السورة مرض رسول الله عليه السلام فخرج الى الناس فخطبهم وودعهم ثم دخل المنزل فتوفى بعد ايام قال الحسن رحمه الله أعلم انه قد اقترب اجله فامر بالتسبيح والتوبة ليختم له بالعمل الصالح وفيه تنبيه لكل عاقل إِنَّهُ كانَ تَوَّاباً مبالغا فى قبول توبتهم منذ خلق المكلفين فليكن كل تائب مستغفر متوقعا للقبول وذلك ان قبول التوبة من الصفات الاضافية ولا منازعة فى حدوثها فاندفع ما يرد ان المفهوم من الآية انه تعالى تواب فى الماضي