زيادة زادوها على الكفر لا يأبى دخولهم تحت هذا الجنس فان الأجناس انما تتنوع بزيادات يختلف فيها أبعاضها فعلى هذا تكون الآية تقسيما للقسم الثاني آمَنَّا بِاللَّهِ اى صدقنا بالله وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ والمراد باليوم الآخر من وقت الحشر الى ما لا يتناهى اى الوقت الدائم الذي هو آخر الأوقات المنقضية والمراد به البعث او الى ان يدخل اهل الجنة الجنة واهل النار النار لانه آخر الأيام المحدودة إذ لا حد وراءه وسمى بالآخر لتأخره عن الدنيا وتخصيصهم للايمان بهما بالذكر له ادعاء انهم قد حازوا الايمان من قطريه واحاطوا به من طرفيه وإيذان بانهم منافقون فيما يظنون فيه فكيف بما يقصدون به النفاق لان القوم كانوا يهودا وكانوا يؤمنون بالله واليوم الآخر ايمانا كلا ايمان لاعتقادهم التشبيه واتخاذ الولد وان الجنة لا يدخلها غيرهم وان النار لن تمسهم إلا أياما معدودة وغيرها ويرون المؤمنين انهم آمنوا مثل ايمانهم وحكاية عبارتهم لبيان كمال خبثهم فان ما قالوه لو صدر عنهم لا على وجه الخداع والنفاق
وعقيدتهم عقيدتهم لم يكن ذلك ايمانا فكيف وهم يقولونه تمويها على المسلمين واستهزاء بهم فكان خبثا الى خبث وكفرا الى كفر وَما هُمْ بِمُؤْمِنِينَ ما نائبة عن ليس ولهذا عقب بالباء اى ليسوا بمصدقين لانهم يضمرون خلاف ما يظهرون بل هم منافقون وفي الحكم عليهم بانهم ليسوا بمؤمنين نفى ما ادعوه على سبيل البت والقطع لانه نفى اصل الايمان منهم بإدخال الباء في خبر ما ولذا لم يقل وما هم من المؤمنين فان الاول ابلغ من الثاني دلت الآية على ان الدعوى مردودة إذا لم يقم عليها دلائل الصحة قال قائلهم من تحلى بغير ما فيه فضح الامتحان ما يدعيه فان من مدح نفسه ذم ومن ذم نفسه مدح قال فرعون عليه لعنات الله وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ فقيل وكنت من المفسدين وقال يونس عليه السلام إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ فقيل له فَلَوْلا أَنَّهُ كانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ: قال الحافظ قدس سره
خوش بود گر محك تجربه آيد بميان ... تا سيه روى شود هر كه دروغش باشد
- حكى- ان شيخا كان له تلميذ يدعى انه أمين والشيخ يعلم منه خلاف ذلك وهو يرد على الشيخ في ذلك ويدعى الامانة ويطلب منه ان يكشف له سرا من اسرار الله تعالى فاخذ الشيخ يوما تلميذا من أصحابه وخبأه في بيت وعمد الى كبش فذبحه وألقاه في عدل ودخل ذلك التلميذ المدعى فرأى الشيخ ملطخا بالدماء والعدل امامه والسكين في يده فقال له يا سيدى ما شأنك فقال له غاظنى فلان يعنى ذلك التلميذ فقتلته يعنى التلميذ يعنى بقتله مخالفة هواه حتى لا يكذب الشيخ فتخيل التلميذ انه في العدل فقال الشيخ هذه امانة فاستر على وادفن معى هذا المذبوح الذي في هذا العدل فدفنه معه في الدار وقصد الشيخ نكاية ذلك التلميذ وان يفعل معه ما يخرجه وجاء ابو ذلك المخبوء يطلب ابنه فقال له الشيخ هو عندى فمضى الرجل فلما كبر على الرجل نكاية الشيخ مشى الى والد ذلك المخبوء وأخبره ان الشيخ قتله ودفنه معه ورفع ذلك الى السلطان فتوقف السلطان في ذلك الأمر لما يعرفه من جلالة الشيخ وبعث اليه بالقاضي والفقهاء وأخذ ذلك التلميذ يسب الشيخ ووقف الشهود حتى حضروا الى العدل فعاينوا الكبش وخرج التلميذ المخبوء وافتضح وندم حيث لا ينفعه الندم