(السخي قريب من الله قريب من الجنة قريب من الناس بعيد من النار والبخيل بعيد من الله بعيد من الناس قريب من النار) واما دفع الضرر عن الغير فهو اما فى الدنيا وهو ان لا يشتغل بمقابلة تلك الاساءة بإساءة اخرى وهو المراد بكظم الغيظ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (من كظم غيظا وهو يقدر على إنفاذه ملأ الله قلبه أمنا وايمانا) واما فى الآخرة وهو ان يبرئ ذمته من التبعات والمطالبات فى الآخرة وهو المراد بقوله وَالْعافِينَ عَنِ النَّاسِ- روى- انه ينادى مناد يوم القيامة اين الذين كانت أجورهم على الله فلا يقوم الا من عفا وعن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم (ان هؤلاء فى أمتي قليل الا من عصمه الله وقد كانوا كثيرا فى الأمم التي مضت) فهذه الآية دالة
على جميع جهات الإحسان الى الغير ولما كانت هذه الأمور الثلاثة مشتركة فى كونها إحسانا الى الغير ذكر ثوابها فقال وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ فان محبة الله العبد أعظم درجات الثواب. قال الفضيل بن عياض الإحسان بعد الإحسان مكافأة والاساءة بعد الاساءة مجازاة والإحسان بعد الاساءة كرم وجود والاساءة بعد الإحسان لؤم وشؤم- حكى- ان خادما كان قائما على رأس الحسن بن على رضى الله عنهما وهو مع أضيافه فى المائدة فانحرفت قصعة كانت فى يد الخادم فسقط منها شىء على الحسن فقال وَالْكاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعافِينَ عَنِ النَّاسِ قال قد عفوت عنك فقال وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ قال أنت حر لوجه الله وقد زوجتك فلانة فتاتى وعلىّ ما يصلحكما: قال الفاضل الجامى
جوانمردا جوانمردى بياموز ... ز مردان جهان مردى بياموز
درون از كين كين جويان نكه دار ... زبان از طعن بدگويان نكه دار
نكويى كن بآن كو با تو بد كرد ... كز ان بد رخنه در اقبال خود كرد
چوآيين نكو كارى كنى ساز ... نكردد جز بتو آن نكويى باز
فعلى العاقل ان يسارع الى العمل بالحسنات من الإحسان وانواع الخيرات سريعا قبل الفوات لان فى التأخير آفات
كنون وقت تخمست اگر پرورى ... كراميد دارى كه خرمن برى
يعنى ان كنت تأمل الجنة فاعبد ربك بانواع العبادات ما دمت فى الحياة فان الفرصة غنيمة والمتأخر عن السير الى الله مغبون قيل بيا ساقى كه فى التأخير آفات ومن أضاع عمره فى الهوى فلا يلحقه يوم القيامة الا الحسرة والندامة
والله تعالى خلق الإنسان لدخول الجنة ودرجاتها والنار ودركاتها ثم أرسل المرسلين مبشرين بالجنة ومنذرين بالنار وحث بالاتقاء والحذر عن النار كما قال وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكافِرِينَ وحرض على المسارعة الى الجنة بقوله وَسارِعُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ اى سارعوا بقدم التقوى الى مقام من مقامات قرب ربكم وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّماواتُ وَالْأَرْضُ يعنى طولها فوق السموات والأرض. والاشارة فيه ان الوصول إليها بعد العبور من ملك السموات والأرض وهو المحسوسات التي تدركها الحواس الخمس والعبور عنها انما يكون بقدم التقوى الذي هو تزكية النفس عن الأخلاق الذميمة كما قال أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ فان قدم التقوى الذي يولج به فى عالم الملكوت هو التزكية