وجه الاستدراك انه تعالى لما وصف الكفار بقلة نفع تقلبهم فى البلاد لاجل التجارة وجاز ان يتوهم متوهم ان قلة النفع من لوازم التقلب من حيث هو استدرك ان المتقين وان تقلبوا وأصابوا ما أصابه الكفار او لم يصيبوا لهم مثوبات حسنى لا يقادر قدرها نُزُلًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ حال من جنات لتخصصها بالوصف والنزل ما يعد للنازل من طعام وشراب وغيرهما وَما عِنْدَ اللَّهِ لكثرته ودوامه خَيْرٌ لِلْأَبْرارِ مما يتقلب فيه الفجار لقلته وسرعة زواله. وعن ابن مسعود رضى الله عنه ما من نفس برة ولا فاجرة الا والموت خير لها اما البرة فان الله تعالى يقول وَما عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ لِلْأَبْرارِ واما الفاجرة فانه يقول إِنَّما نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدادُوا إِثْماً. وعن عمر بن الخطاب رضى الله عنه جئت فاذا رسول الله صلى الله عليه وسلم فى مشربة وانه لعلى حصير ما بينه وبينه شىء وتحت رأسه وسادة من آدم حشوها ليف وان عند رجليه قرظا مصبورا وعند رأسه أهب معلقة فرأيت اثر الحصير فى جنبه فبكيت
فقال (ما يبكيك) فقلت يا رسول الله ان كسرى وقيصر فيما هما فيه وأنت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال (أما ترضى ان يكون لهما الدنيا ولنا الآخرة)
از پى ذكر وشوق حق ما را ... در دو عالم دل وزبانى بس
وز طعام ولباس اهل جهان ... كهنه دلقى ونيم نانى بس
ومما وجد فى خزائن الإسكندر مكتوبا بالذهب الأحمر حركات الافلاك لا تبقى على أحد نعمة فاذا اعطى العبد مالا او جاها او رفعة فلتكن همته فى انتهاز الفرصة وتقليد المنن أعناق الرجال فان الدنيا والجاه والرفعة تزول اما ندم طويل او مدح جزيل فاكرموا من له حسب فى الأصل او قدم فى المروءة ولا يغرنكم تقلب الزمان باهله فان للدهر عثرات يجبر كما يكسر ويكسر كما يجبر والأمر الى الله تعالى: قال جلال الدين الرومي قدس سره
چند گويى من بگيرم عالمى ... اين جهانرا پر كنم از خود همى
گر جهان پر برف گردد سر بسر ... تاب خور بگدازدش از يك نظر
وعن الحسن قال خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم على أصحابه فقال (هل منكم من يريد ان يذهب الله عنه العمى ويجعله بصيرا. ألا انه من رغب فى الدنيا وطال أمله فيها أعمى الله قلبه على قدر ذلك ومن زهد فى الدنيا وقصر أمله أعطاه الله تعالى علما بغير تعلم وهدى بغير هداية. ألا انه سيكون بعدكم قوم لا يستقيم لهم الملك الا بالقتل والتجبر ولا الغنى الا بالفخر والبخل ولا المحبة الا باتباع الهوى. ألا فمن أدرك ذلك الزمان منكم فصبر على الفقر وهو يقدر على الغنى وصبر على البغضاء وهو يقدر على المحبة وصبر على الذل وهو يقدر على العز لا يريد بذلك الاوجه الله تعالى أعطاه تعالى ثواب خمسين صديقا) قال ابن عباس رضى الله عنهما يؤتى بالدنيا يوم القيامة فى صورة عجوز شمطاء زرقاء وأنيابها بادية مشوهة خلقها وتشرف على الخلائق فيقال أتعرفون هذه فيقولون نعوذ بالله من معرفة هذه فيقال هذه الدنيا التي تفاخرتم عليها بها تقاطعتم الأرحام وبها تحاسدتم وتباغضتم واغتررتم ثم تقذف فى جهنم فتنادى يا رب اين اتباعى وأشياعي فيقول الله تعالى الحقوا بها اتباعها قال عليه السلام (يحشر أقوام يوم القيامة وأعمالهم كجبال تهامة