الذين اتقوا من الإشراك بالله تعالى فيغفر لهم ما دون الإشراك من الصغائر والكبائر لعدم اشراكهم به ولا يغفر للمشركين ما دون الإشراك ايضا لاشراكهم به فكما ان اشراكهم لا يغفر فكذلك ما دون اشراكهم لا يغفر بخلاف المؤمنين فانه تعالى كما وقاهم من عذاب الإشراك بحفظهم عنه كذلك وقاهم من عذاب ما دونه بمغفرته لهم وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرى إِثْماً عَظِيماً اى من افترى واختلق مرتكبا اثما لا يقادر قدره ويستحقر دونه جميع الآثام فلا تتعلق به المغفرة قطعا. وهذه الآية من أجل الآيات التي كانت خيرا لهذه الامة مما طلعت عليه الشمس وما غربت وأعظمها لانها تؤذن بان مادون الشرك من الذنب مغفور بحسب المشيئة والوعد المعلق بالمشيئة من الكريم محقق الإنجاز خصوصا لعباده الموحدين المخلصين من المحمديين كما قال لهم إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً- روى- ان وحشيا قاتل حمزة عم النبي عليه السلام كتب الى رسول الله صلى الله عليه وسلم انى أريد ان اسلم ولكن يمنعنى من الإسلام آية فى القرآن نزلت عليك وهو قوله تعالى وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وانى قد فعلت هذه الأشياء الثلاثة فهل لى من توبة فنزلت هذه الآية إِلَّا مَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صالِحاً فَأُوْلئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ فكتب ان فى الآية شرطا وهو العمل الصالح فلا أدرى انا اقدر على العمل الصالح أم لا فنزل قوله تعالى إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ فكتب بذلك الى وحشي فكتب اليه ان فى الآية شرطا فلا أدرى أيشاء ان يغفر لى أم لا فنزل قوله تعالى قُلْ يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً فكتب الى وحشي فلم يجد الشرط فقدم المدينة واسلم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (من مات ولم يشرك بالله شيأ دخل الجنة) ورأى ابو العباس شريح فى مرض موته كأن القيامة قد قامت وإذا الجبار سبحانه وتعالى يقول اين العلماء فجاؤا فقال ماذا عملتم فيما علمتم فقلنا يا رب قصرنا واسأنا فاعاد السؤال فكأنه لم يرض به وأراد جوابا آخر فقلت اما انا فليس فى صحيفتى شرك وقد وعدت ان تغفر ما دونه فقال الله تعالى اذهبوا فقد غفرت لكم ومات شريح بعده بثلاث ليال وهذا من حسن الظن بالله تعالى
كنونت كه چشمست اشكى ببار ... زبان در دهانست عذرى بيار
كنون بايدت عذر تقصير كفت ... نه چون نفس ناطق ز كفتن بخفت
غنيمت شمار اين كرامى نفس ... كه بي مرغ قيمت ندارد قفس
واعلم ان للشرك مراتب وللمغفرة مراتب. فمراتب الشرك ثلاث الجلى والخفي والأخفى.
وكذلك مراتب المغفرة. فالشرك الجلى بالأعيان وهو للعوام وذلك بان يعبد شىء من دون الله تعالى كالاصنام والكواكب وغيرها فلا يغفر الا بالتوحيد وهو اظهار العبودية فى اثبات الربوبية مصدقا بالسر والعلانية. والشرك الخفي بالأوصاف وهو للخواص وذلك شوب العبودية بالالتفات الى غير الربوبية فى العبادة كالدنيا والهوى وما سوى المولى فلا يغفر الا بالوحدانية وهى افراد الواحد للواحد بالواحد. والشرك الأخفى وهو للاخص وذلك رؤية الأغيار والانانية فلا يغفر الا بالوحدة وهى فناء الناسوتية فى بقاء اللاهوية ليبقى بالهوية