در كلام ايزد بيچون كه وحي منزلست ... كى بود تبت يدا مانند يا ارض ابلعي
قال العلماء القرآن يدل على صدقه عليه السلام من ثلاثة أوجه. أحدها اطراد ألفاظه فى الفصاحة. وثانيها اشتماله على الاخبار عن الغيوب. والثالث سلامته من الاختلاف وسبب سلامته منه على ما ذهب اليه اكثر المتكلمين ان القرآن كتاب كبير مشتمل على انواع كثيرة من العلوم فلو كان ذلك من عند غير الله لوقع فيه انواع من الكلمات المتناقضة لان الكتاب الكبير الطويل لا ينفك عن ذلك ولما لم يوجد فيه ذلك علمنا انه ليس من عند غير الله وانما هو وحي اوحى اليه عليه السلام من عند الله بوساطة جبرائيل فمن أطاعه فيه فقد أطاع الله والاطاعة سبب لنيل المطالب الدنيوية والاخروية ويرشدك على شرف الاطاعة ان كلب اصحاب الكهف لما تبعهم فى طاعة الله وعدله دخول الجنة: كما قال السعدي
سگ اصحاب كهف روزى چند ... پى مردم گرفت ومردم شد
فاذا كان من تبع المطيعين كذلك فما ظنك
بالمطيعين وكما ان من صلى ولم يؤد الزكاة لم تقبل منه الصلاة ومن شكر الله فى نعمائه ولم يشكر الوالدين لا يقبل منه فكذلك من أطاع الله ولم يطع الرسول لا يقبل منه. والاشارة ان الرسول صلى الله عليه وسلم كان لوصفه بالفناء فانيا فى الله باقيا بالله قائما مع الله فكان خليفة الله على الحقيقة فيما يعامل الخلق حتى قال وَما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلكِنَّ اللَّهَ رَمى وكان الله خليفته فيما يعامله الخلق حتى قال إِنَّ الَّذِينَ يُبايِعُونَكَ إِنَّما يُبايِعُونَ اللَّهَ ولهذا كان يقول صلى الله عليه وسلم (الله خليفتى على أمتي) وَمَنْ تَوَلَّى فَما أَرْسَلْناكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً فانك لست لك حافظا فكيف لهم فانهم تولوا عنى لا عنك فانما على حسابهم لا عليك وفى قوله تعالى وَيَقُولُونَ طاعَةٌ اشارة الى احوال اكثر مريدى هذا الزمان إذا كانوا حاضرين فى الصحبة ينعكس تلألؤ أشعة أنوار الولاية فى مرآة قلوبهم فيزدادون ايمانا مع ايمانهم وارادة مع إرادتهم فيصغون بآذانهم الواعية الى الحكم والمواعظ الحسنة ترى أعينهم تفيض من الدمع مما عرفوا من الحق ويقولون السمع والطاعة فيما يسمعون ويخاطبون به فَإِذا بَرَزُوا مِنْ عِنْدِكَ وهب لهم رياح الهوى وشهوة الحرص وتمايلت قلوبهم عن مجازات القرار على الولاية وعاد المشئوم الى طبعه بَيَّتَ طائِفَةٌ مِنْهُمْ غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ وَاللَّهُ يَكْتُبُ ما يُبَيِّتُونَ اى يغير عليهم ما يغيرون على أنفسهم لان الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بانفسهم فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ فاصفح عنهم واصبر معهم وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ لعل الله يصلح بالهم ولا يجعل التغيير وبالهم ويحسن عاقبتهم ومآلهم وَكَفى بِاللَّهِ وَكِيلًا للمتوكلين عليه والملتجئين اليه ثم اخبر عن الدواء كما اخبر عن الداء بقوله أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ والاشارة ان العباد لو كانوا يتدبرون القرآن ويتفكرون فى آثار معجزاته وأنوار هداياته ونظم آياته وكمال فصاحته وجمال بلاغته وجزالة ألفاظه ورزانة معانيه ومتانة مبانيه وفى أسراره وحقائقه ودقة إشاراته ولطائفه وانواع معالجاته لامراض القلوب من إصابة ضرر الذنوب لوجدوا فيه لكل داء دواء ولكل مرض شفاء ولكل عين قرة ولكل وجه غرة ولرأوا كأسه موصوفا بالصفاء محفوظا من القذى بحرا لا تنقضى عجائبه وبرا لا تنتفى غرائبه روحا لا تباغض فيه ولا خلاف وجثة لا تناقض فيها ولا اختلاف