مثل درجات ويجوز ان يكون انتصابهما بإضمار فعلهما اى غفر لهم مغفرة ورحمهم رحمة هذا ولعل تكرير التفضيل بطريق العطف المنبئ عن المغايرة وتقييده تارة بدرجة واخرى بدرجات مع اتحاد المفضل والمفضل عليه حسبما يقتضيه الكلام ويستدعيه حسن الانتظام اما لتنزيل الاختلاف العنواني بين التفضيلين وبين الدرجة والدرجات منزلة الاختلاف الذاتي تمهيدا لسلوك طريقة الإيهام ثم التفسير روما لمزيد التحقيق والتقرير كما فى قوله تعالى وَلَمَّا جاءَ أَمْرُنا نَجَّيْنا هُوداً وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَنَجَّيْناهُمْ مِنْ عَذابٍ غَلِيظٍ كأنه قيل فضل الله المجاهدين على القاعدين درجة لا يقادر قدرها ولا يفهم كنهها وحيث كان تحقق هذا العنوان البعيد بينهما موهما لحرمان القاعدين قيل وكلا وعد الله الحسنى ثم أريد تفسير ما أفاده التنكير بطريق الإبهام بحيث يقطع احتمال كونه للوحدة فقيل ما قيل ولله در شأن التنزيل واما للاختلاف بالذات بين التفضيلين وبين الدرجة والدرجات على ان المراد بالتفضيل الاول ماخولهم الله تعالى عاجلا فى الدنيا من الغنيمة والظفر والذكر الجميل الحقيق بكونه درجة واحدة وبالتفضيل الثاني ما أنعم به فى الآخرة من الدرجات العالية الفائتة للحصر كما ينبئ عنه تقديم الاول وتأخير الثاني
وتوسيط الوعد بالجنة بينهما كأنه قيل فضلهم عليهم فى الدنيا درجة واحدة وفى الآخرة درجات لا تحصى وقد وسط بينهما فى الذكر ما هو متوسط بينهما فى الوجود اعنى الوعد بالجنة توضيحا لحالهما ومسارعة الى تسلية المفضول والله سبحانه اعلم. وقيل المجاهدون الأولون من جاهد الكفار والآخرون من جاهد نفسه وعليه قوله عليه السلام (رجعنا من الجهاد الأصغر الى الجهاد الأكبر) وَكانَ اللَّهُ غَفُوراً لذنوب من جاهد فى سبيله رَحِيماً يدخله الجنة برحمته وهو تذييل مقرر لما وعد من المغفرة والرحمة. قال القشيري رحمه الله ان الله سبحانه جمع أولياءه فى الكرامات لكنه غاير بينهم فى الدرجات فمن غنى وغيره اغنى منه ومن كبير وغيره اكبر منه هذه الكواكب متيرة لكن القمر فوقها وإذا طلعت الشمس بهرت اى غلبت جميعها بنورها انتهى فالجنة مشتركة بين الواصلين البالغين والطالبين المنقطعين بعذر وعوام المؤمنين القاعدين عن الطلب بلا عذر لكن الطائفة الاولى فى واد والأخريان فى واد آخر لا يستوون عند الله تعالى: قال المولى الجامى قدس سره
اى كمند بدن چوطفل صغير ... مانده در دست خواب غفلت أسير
پيش از آن كت أجل كند بيدار ... گر نمردى ز خواب سر بردار
انما السائرون كل رواح ... يحمدون السرى لدى الإصباح
ودلت الآية على ان اولى الضرر مساوون للمجاهدين فى الاجر والثواب- روى- عنه عليه السلام انه لما رجع من غزوة تبوك ودنا من المدينة قال (ان فى المدينة لأقواما ما سرتم من مسير ولا قطعتم من واد الا كانوا معكم فيه) قالوا يا رسول الله وهم بالمدينة قال (نعم وهم بالمدينة حبسهم حابس العذر) وهم الذين صحت نياتهم وتعلقت قلوبهم بالجهاد وانما منعهم عن الجهاد الضرر